الفساد عدو المغرب الأول

كيف لمجتمع أن ينعتق من الهشاشة و يثوق للتنمية و هو غارق في الفساد حتى خصلة رأسه؟ “فغياب العقاب ضد الفساد يفاقم انعدام ثقة المواطنين اتجاه المؤسسات”، و هذا ليس رأيي و إنما ماقاله بشير محمد رشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة قبل أزيد من ثلاث سنوات و تحديداً في شتنبر 2020. و أكد أن “إعادة بناء الثقة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر مجهود وطني قوي و مكثف لتجفيف بؤر الفسادو تحجيم آثاره السلبية على التنمية”، فهل تغير شيء من هذا الواقع اليوم؟
بالطبع لا. فنفس المسؤول خرج قبل أيام في ندوة ليكرر نفس الموّال و يشتكي للصحفيين ترتيب المغرب 87 من أصل 181 بلداً في مؤشر الرشوة و الفساد دون أن يقدم حلولاً و لا حصيلة للمتابعات القضائية. فهل دور هاته الهيئة التي تكلف المغاربة ميزانية بالملايير البكاء مع المغاربة أم القضاء على الفساد بالزجر و بفضح الملفات؟ لكن ماذا يمكن أن ننتظر من هيئة ثلث أعضائها عينهم عزيز أخنوش و ثلث آخر عينه رشيد الطالبي العلمي، أي أن ثلثي أعضائها معينون من طرف حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة؟
فلا تنتظروا من هذه المؤسسة أن تنتفض ضد تضارب المصالح بين مهام رئيس الحكومة في تدبير الشأن العام و الصفقات التي تستفيد منها مجموعته الإقتصادية. فهاهو رئيسها يعقد ندوة صحفية في عز الجدال الكبير بخصوص فوز شركة عزيز أخنوش بواحدة من أكبر الصفقات العمومية التي يتجاوز مبلغها المليار درهم و مع ذلك لم يكلف السيد رشدي نفسه أن يضع المغاربة في الصورة بخصوص نزاهة هذه الصفقة. أولا تحمل هذه الهيئة صفة “النزاهة” حتى قبل صفة “الوقاية من الرشوة” وللأسف، مازلنا ندور في حلقة مفرغة بهيآتنا التنفيذية و التشريعية و القضائية فيما يشبه حملٌ جماعي للراية البيضاء أمام غول الفساد الذي عوض أن ينقص تدريجياً نراه يتغول أكثر فأكثر و يمضي باقتصاد البلد للتهلكة. لقد سبق و قلتُ أن المغرب ليس بحاجة للإستدانة لسد عجز الميزانية و إنما بحاجة لحكامة جيدة. حكامة تضرب معاقل الفساد و تقضي على اقتصاد الريع و تحذف كل مظاهر البذخ في التدبير. سنكسب حتماً بين 2% و 3,5% من الناتج الداخلي الخام و هو ما يعادل حوالي 40 مليار درهم بينما عجز الميزانية يقارب 50 مليار درهم. لكن من سيحمل هذا الهم في غياب تام للإرادة السياسية؟
في الأخير، عندما يكون الفاعل السياسي خصماً و حكماً في القضايا الكبرى بالبلد (صفقات، محروقات ..) فلا يمكن أن تنتظر منه أن يعاقب نفسه أو أن يكون ملاكاً في التدبير. أو لم تكن أولى قراراته سحب قانون الإثراء الغير مشروع من البرلمان؟ أو لا يكفي هكذا مؤشر أن نقتنع أن الفساد ماضٍ في تحديه للمغرب والمغاربة لأبعد الحدود؟
بالطبع لا. فنفس المسؤول خرج قبل أيام في ندوة ليكرر نفس الموّال و يشتكي للصحفيين ترتيب المغرب 87 من أصل 181 بلداً في مؤشر الرشوة و الفساد دون أن يقدم حلولاً و لا حصيلة للمتابعات القضائية. فهل دور هاته الهيئة التي تكلف المغاربة ميزانية بالملايير البكاء مع المغاربة أم القضاء على الفساد بالزجر و بفضح الملفات؟ لكن ماذا يمكن أن ننتظر من هيئة ثلث أعضائها عينهم عزيز أخنوش و ثلث آخر عينه رشيد الطالبي العلمي، أي أن ثلثي أعضائها معينون من طرف حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة؟
فلا تنتظروا من هذه المؤسسة أن تنتفض ضد تضارب المصالح بين مهام رئيس الحكومة في تدبير الشأن العام و الصفقات التي تستفيد منها مجموعته الإقتصادية. فهاهو رئيسها يعقد ندوة صحفية في عز الجدال الكبير بخصوص فوز شركة عزيز أخنوش بواحدة من أكبر الصفقات العمومية التي يتجاوز مبلغها المليار درهم و مع ذلك لم يكلف السيد رشدي نفسه أن يضع المغاربة في الصورة بخصوص نزاهة هذه الصفقة. أولا تحمل هذه الهيئة صفة “النزاهة” حتى قبل صفة “الوقاية من الرشوة” وللأسف، مازلنا ندور في حلقة مفرغة بهيآتنا التنفيذية و التشريعية و القضائية فيما يشبه حملٌ جماعي للراية البيضاء أمام غول الفساد الذي عوض أن ينقص تدريجياً نراه يتغول أكثر فأكثر و يمضي باقتصاد البلد للتهلكة. لقد سبق و قلتُ أن المغرب ليس بحاجة للإستدانة لسد عجز الميزانية و إنما بحاجة لحكامة جيدة. حكامة تضرب معاقل الفساد و تقضي على اقتصاد الريع و تحذف كل مظاهر البذخ في التدبير. سنكسب حتماً بين 2% و 3,5% من الناتج الداخلي الخام و هو ما يعادل حوالي 40 مليار درهم بينما عجز الميزانية يقارب 50 مليار درهم. لكن من سيحمل هذا الهم في غياب تام للإرادة السياسية؟
في الأخير، عندما يكون الفاعل السياسي خصماً و حكماً في القضايا الكبرى بالبلد (صفقات، محروقات ..) فلا يمكن أن تنتظر منه أن يعاقب نفسه أو أن يكون ملاكاً في التدبير. أو لم تكن أولى قراراته سحب قانون الإثراء الغير مشروع من البرلمان؟ أو لا يكفي هكذا مؤشر أن نقتنع أن الفساد ماضٍ في تحديه للمغرب والمغاربة لأبعد الحدود؟
الأغنياء الجدد لا يمكن لهم أن يعرفوا استقرارا في حياتهم. لأن الوضع المعاش هو وضع مكتسب وليس وراثي، وبالتالي لا يمكن تحقيق الانسجام بسبب الاضطربات النفسية بين الفقر والغنى المكتسبمن جهة و الخوف من الرجوع إلى نقطة الفقر من جهة أخرى، لذلك من الصعب جدا تحقيق تدبير مثالي للثروة المكتسبةد، لأن حياة الأغنياء الحقيقين هي سلوك حياة.