دلالة كرسي أمير المؤمنين في ليلة القدر

أحيا الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، ليلة القدر لهذه السنة جالسًا على كرسيه، وهو ما أثار اهتمام المتابعين، خاصة أن الكرسي الذي جلس عليه كان بدون متكأ.
هذه الجزئية تحمل دلالات عميقة، سواء من الناحية الفقهية أو الرمزية، كما أوضح الدكتور محمد نعناني، أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الأول بسطات، في تدوينة نشرها عبر “فيسبوك”.
يؤكد الدكتور نعناني أن اختيار كرسي بدون متكأ ليس مجرد تفصيل بسيط، بل يرتبط بأحكام فقهية دقيقة، خصوصًا في المذهب المالكي. فقهاء المالكية يرون أن الاستناد أثناء الصلاة لغير المضطر غير جائز، إذ يجب على المصلي أن يكون مستقلًا ببدنه ما دام قادرًا على ذلك.
وقد أورد الفقيه المالكي ميارة في شرحه أن للمصلي مراتب تتعلق بوجوب الاستقلال في الصلاة، حيث قال: “ثم أعلم أن للمصلي سبع مراتب؛ أربع ترتيبها على الوجوب، وثلاثة على الاستحباب. فالأربع: أن يقوم مستقلا (أي: غير مستند إلى حائط ونحوه)، ثم يجلس مستقلا ورجلاه إلى القبلة، ثم مستندا، فمتى قدر على واحدة وانتقل إلى التي تليها بطلت صلاته”.
هذا الاختيار من طرف الملك محمد السادس يعكس التزامه بأحكام الشريعة الإسلامية حتى في التفاصيل الدقيقة، ويؤكد دوره كأمير للمؤمنين، الحريص على احترام الفقه المالكي الذي يشكل المرجعية الدينية الرسمية في المغرب. كما يتماشى هذا مع مواقفه السابقة التي شدد فيها على أنه لا يمكنه أن يحرم ما أحل الله ولا أن يحلل ما حرمه.
إضافة إلى الدلالة الفقهية، لا يمكن إغفال أن الجلوس على كرسي أثناء الصلاة قد يكون مرتبطًا بحالة صحية، خاصة أن الملك كان قد خضع لعمليات جراحية في السابق. ومع ذلك، فإن اختياره لكرسي بدون متكأ يشير إلى حرصه على التماهي مع الأحكام الفقهية التي تراعي أحوال المصلي دون أن تتجاوز الضوابط الشرعية.
تظل مثل هذه التفاصيل في الطقوس الدينية لأمير المؤمنين محط اهتمام واسع، حيث تجمع بين الدلالات الفقهية والرمزية التي تعكس علاقة وثيقة بين القيادة والدين في المغرب. اختيار كرسي بدون متكأ أثناء الصلاة في ليلة القدر ليس مجرد تفصيل بروتوكولي، بل هو رسالة واضحة على احترام أحكام الشريعة وتقدير مكانة الإمامة العظمى التي يتولاها الملك محمد السادس.