المغرب

أثرياء شارع مكة..الحاجة إلى مراجعة ضريبية

لا يكفُّ ثلّةٌ من أثرياء شارع مكة العاملين في مجالات العقار والخدمات والمواد الغذائية من دقيقٍ وقهوةٍ ومنتجاتٍ أخرى، ومعهم واحد من إمبراطورات الحديد في المملكة، عن محاولة النيل من مدير نشر موقع “زون24”، عبر رسائل تهديدٍ مبطّنة وأخرى مباشرة، تُرسل بين الفينة والأخرى، إمّا عبر حساباتٍ وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر أخبارٍ تتسرّب من دوائرهم الضيقة.

ورغم كل ذلك، لم ننشر إلى حدود هذه اللحظة الأسماء الواردة في محاضر ملف “إسكوبار الصحراء”، ولا القرار الصادر عن الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، والذي تضمن كل الأسماء ومبالغ بالملايين والمليارات التي أُغدقت على سعيد الناصيري في غياب مقابلٍ تجاري أو خدماتي واضح، ولا عن الجلسات الطويلة التي كانت تُعقد في فيلا فخمة بشارع مكة.

في هذا الشارع تحديداً، تتكدّسُ سياراتٌ من آخر الطرازات، تُقدّر قيمتها بمئات آلاف الدراهم، فيما تُباع الفلل بقيمةٍ تتجاوز ملياراً ونصف مليار سنتيم، في معاملاتٍ يلفها الكثير من الغموض. بعض هؤلاء الأثرياء بدأ حياته التجارية من «دلاح» السوق الأسبوعي، لينتهي به المطاف أحد أكبر المنعشين العقاريين في الجهة، وآخرون كانت بدايتهم من العدم، قبل أن تقفز حساباتهم البنكية إلى ستة أرقام، دون تاريخٍ اقتصادي واضح أو مسارٍ مهني يفسّر هذا الاغتناء الصاروخي.

الحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى مراجعةٍ ضريبية حقيقية، تعيد للدولة حقّها وتضع حداً لفوضى الثروات التي تُراكم خارج القنوات القانونية، بينما يُستعمل النفوذ والمال لتهريب الضرائب وشراء الصمت. مراجعةٌ ليست انتقائية ولا انتقامية، وإنما قائمة على قاعدة واحدة: مصدر الثروة يجب أن يكون واضحاً، والملكية يجب أن تمر عبر مساطر شفافة، والعدالة الضريبية حقٌّ للدولة والمواطن على حدّ سواء.

سينشر موقع “زون24” في وقت لاحق تحقيقاً خاصاً يكشف عن مجموعة من علامات الاستفهام المرتبطة بأثرياء شارع مكة ورواد فيلا الناصيري، وعن شبكة العلاقات التي كانت تُحاك هناك بين رجال المال وأصدقاء الأمس الذين تخلّوا عنه اليوم، تاركينه وحيداً يسافر كل خميس من عكاشة إلى شارع الجيش الملكي، بينما تُدار ثرواتهم في الظل دون مساءلة، وكأن المال وحده يمنح الحصانة.

المساءلة اليوم ضرورة، والعدالة الضريبية خطوة أساسية نحو دولة لا تُثري فيها الفئات المحظوظة على حساب مواطنين يدفعون الفاتورة كاملة.