عزيز الإدريسي..الهادئ الذي يضبط سمفونية أمن البيضاء الصاخبة

في قلب الدار البيضاء، هذه المدينة التي لا تنام، وتحت إيقاعها اليومي الصاخب، يقف رجل بهدوء الظلّ وبصلابة المسؤولية، يمسك بخيوط التفاصيل الأمنية الدقيقة دون ضجيج ولا استعراض. إنه عزيز كمال الإدريسي، رئيس الشرطة القضائية بولاية أمن الدار البيضاء، الرجل الذي صار اسمه مرادفاً للكفاءة والحكمة والانضباط في تدبير أخطر الملفات وأعقد القضايا التي تشغل بال الرأي العام البيضاوي والمغربي على حد سواء.
منذ تعيينه في هذا المنصب الحساس، أبان الإدريسي عن قدرة لافتة على ضبط إيقاع العمل الأمني في أكبر مدينة مغربية، مدينة يختلط فيها الجميل بالخطر، وتجاور فيها الفرصُ التحديات، وتحتاج في كل لحظة إلى عيون يقظة وعقول راجحة تحفظ الأمن وتحمي النظام العام دون المساس بالحريات الفردية أو الحقوق المشروعة للمواطنين.
الذين يعرفونه عن قرب يقولون إنه رجل هادئ بطبعه، لا يميل إلى الأضواء ولا يعشق الكاميرات، لكنه بالمقابل شديد الإصرار على أداء الواجب بصرامة ومسؤولية، دقيق في تقدير المخاطر، سريع في اتخاذ القرار عندما يقتضي الأمر الحسم، وهو ما جعل كبار المسؤولين الأمنيين يضعون ثقتهم فيه لإدارة هذا الموقع المتقدم في جهاز الأمن الوطني.
لقد عرفت الدار البيضاء في ولايته عدة عمليات نوعية حظيت باهتمام وطني واسع، من تفكيك شبكات إجرامية متخصصة في السرقة والاتجار في المخدرات، إلى معالجة قضايا الاحتيال الإلكتروني التي باتت تؤرق عدداً كبيراً من المواطنين والشركات، إلى التصدي لجرائم العنف والجريمة المنظمة. كل هذه الملفات مرت عبر مكتب الإدريسي الذي يحرص على أن تنجز كل مهمة وفق القانون، وبأعلى درجات المهنية والنزاهة.
ما يميّز الرجل أيضاً – بحسب شهادات متقاطعة من زملائه في الجهاز الأمني – هو سعة صدره في التعامل مع مرؤوسيه، حيث يؤمن بثقافة الإنصات والتواصل، ويحرص على رفع معنويات رجاله وتحفيزهم لأداء المهام الجسيمة الملقاة على عاتقهم، في مدينة تعرف تحديات أمنية متزايدة بفعل الكثافة السكانية الهائلة، والحركية الاقتصادية والاجتماعية النشيطة، وما يرافقها من مظاهر انحراف وتجاوزات تستدعي حنكة خاصة في التدبير الأمني.
وليس صدفة أن يتردد اسمه في الكواليس الأمنية كمثال للرجل الأمني العصري، الذي يفهم تعقيدات المدينة الكبرى، ويواكب التحولات التي فرضتها الرقمنة في الجريمة، ويستوعب في الوقت نفسه متطلبات صيانة حقوق الإنسان كما نص عليها القانون المغربي والاتفاقيات الدولية.
وفي زمن تعالت فيه الأصوات المطالبة بعقلنة التدبير الأمني وتحديث أساليبه، يمثل عزيز كمال الإدريسي الجيل الجديد من المسؤولين الأمنيين، الذين يزاوجون بين صرامة الالتزام المهني، ورحابة التفكير الاستراتيجي، وبين احترام القانون وروح العصر.
الدار البيضاء مدينة لا ترحم المتقاعسين، ولا تحتمل المغامرات غير المحسوبة، ومن حسن حظ هذه الحاضرة الكبرى أن على رأس شرطتها القضائية رجلٌ يجيد الإصغاء إلى نبض المدينة، وفك شفراتها، وضبط سمفونيتها الصاخبة بحكمة الهادئ، وصرامة المسؤول.
إنها تجربة تستحق التقدير، وتستحق أن تكون نموذجاً في مدرسة الأمن المغربي الحديث.