ولاية أمن سطات..نجاعة التواصل

في خضم التحديات الأمنية المتزايدة، لم يعد الأمن يقتصر على التدخلات الميدانية والقدرة على تفكيك الجرائم، بل بات يشمل عنصراً أساسياً في تدبير الشأن الأمني الحديث، وهو التواصل الفعّال مع الرأي العام. وفي هذا الإطار، تبرز ولاية أمن سطات كنموذج يحتذى به على الصعيد الوطني، من خلال أدائها التواصلي المتميز في كل القضايا التي تعرفها الجماعات والمناطق التابعة لدائرتها الأمنية، بما في ذلك إقليم برشيد.
لم يأتِ هذا الأداء الإعلامي والتواصلي الفعّال من فراغ، بل هو ثمرة رؤية استراتيجية وضعتها المديرية العامة للأمن الوطني تحت إشراف عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني، الذي أعطى لتحديث المؤسسة الأمنية بُعداً جديداً، يقوم على الشفافية والانفتاح على المجتمع. وإذا كان بوبكر سبيك، الناطق الرسمي باسم المديرية، يُعد واجهة هذا التوجه على المستوى الوطني، فإن عدداً من ولايات الأمن في المملكة، ومن ضمنها ولاية أمن سطات، تترجم هذا التوجه على المستوى المحلي والجهوي، بما يعكس قدرة المؤسسة الأمنية على التأقلم مع المتغيرات المجتمعية.
والي أمن سطات، المعروف بانفتاحه ومقاربته التشاركية، يقود فريقاً من الكفاءات الأمنية التي لا تقتصر على الجوانب العملياتية، بل تشمل أيضاً مهارات التواصل والتفاعل مع الإعلام والرأي العام. فكلما برزت قضية ذات طابع إجرامي أو اجتماعي في نطاق تدخلها، إلا وسارعت الولاية إلى إصدار بلاغات دقيقة، تُنير الرأي العام وتُفند الشائعات وتُطمئن الساكنة.
وأبرز مثال على هذا الأداء التواصلي المحترف، هو الجريمة التي هزت مدينة بن أحمد قبل أسابيع، والتي عُرفت إعلامياً بـ”سفاح العلوة”. ورغم فظاعة الجريمة وما خلّفته من صدمة لدى الرأي العام، فقد تمكنت ولاية أمن سطات من تدبير تداعياتها إعلامياً بحكمة واتزان، حيث بادرت منذ الساعات الأولى إلى إصدار بلاغ توضيحي يُقدم المعطيات المؤكدة حول الواقعة، ويضع حداً للتأويلات والافتراضات التي رافقت تداول الخبر على منصات التواصل الاجتماعي.
هذا النوع من التواصل الاستباقي ليس فقط أداة لتصحيح المعلومة، بل هو أيضاً آلية لتعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسة الأمنية. فحين يشعر المواطن أن المؤسسة الأمنية لا تكتفي بالتحرك على الأرض، بل تُحاوره وتُخبره وتُطمئنه، فإن ذلك يُقوّي روابط الانتماء والاحترام المتبادل، ويُسهم في تحقيق الأمن المجتمعي المستدام.
كما أن هذا النهج التواصلي يُعتبر جزءاً من سياسة أمنية وطنية شاملة، تشتغل على عدة مستويات: تأهيل الموارد البشرية، تجويد البنية التحتية، تبني تقنيات حديثة، وتكريس الشفافية في العلاقة مع المجتمع. وفي هذا السياق، فإن ما تقوم به ولاية أمن سطات لا يُمثل فقط اجتهاداً محلياً، بل هو تنزيل دقيق للتوجهات المركزية التي رسمها عبد اللطيف الحموشي، وجعل من التواصل ركيزة أساسية في منظومة الأمن الوطني.
وبالتالي، فإن ولاية أمن سطات تُعد اليوم مرجعاً في كيفية إدارة العلاقة مع المجتمع عبر الإعلام، كما أنها تُكرّس صورة جديدة لرجل الأمن، ليس فقط كمُنَفذ للقانون، بل كفاعل اجتماعي يتفاعل مع محيطه، يُقنع بالحجة، ويُصغي بانفتاح. وهذا ما يُفسر ارتياح الساكنة المحلية لمستوى الأداء الأمني في سطات وباقي المناطق التابعة لها.
إن تطور العمل الأمني بسطات لم يكن ليصل إلى هذا المستوى لولا وجود إرادة مؤسساتية واضحة في تجديد المفهوم التقليدي للأمن، ولولا كفاءات ميدانية تُجيد التوفيق بين الصرامة المهنية وحسن التواصل. ومن المؤكد أن نموذج سطات سيبقى محل اهتمام وتتبع من قبل الرأي العام، وأيضاً من قبل مسؤولي الأمن في باقي جهات المملكة، لما يُمثله من ترجمة عملية لرؤية أمنية مغربية جديدة، تؤمن بأن التواصل هو نصف الأمن.