السلطة الرابعة

يونس مجاهد..القلب الكبير

بوجه مكشوف نصفق ليونس مجاهد وهو ينتج خطاباً عبر صفحات جريدة “الصباح” لا يهم أين نتفق وأين نختلف، ما يهم أنه خلق نقاشاً في الوسط المهني وهذا هو المفروض في رئيس التنظيم الذاتي

في عالمٍ تتسارع فيه الأحداث وتشتد فيه الصراعات، يظل لبعض الشخصيات بريقٌ خاص لا يخفت، لأنهم يحملون في قلوبهم من النبل ما يُضيء العتمات، ومن الأخلاق ما يُصلح العطب.

يونس مجاهد، الصحافي والمسؤول عن التنظيم الذاتي للمهنة واحدٌ من هؤلاء القلائل الذين لا تحكمهم ضغائن الماضي، رغم أنه عاش منه ما يكفي ليبرر الغضب، فقد ضاع من شبابه عقدٌ زمني خلف القضبان، لكنه خرج منها أكبر قلباً، وأرفع خلقاً، وأكثر تسامحاً.

هو اليوم رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، خلفاً للمجلس الوطني للصحافة، يمارس مهامه لا بسلطة القرار فقط، بل بسلطة الأخلاق والمبادئ. يحمل همّ القطاع على كتفيه، لكنه لا ينسى أن يحمل في قلبه دفء التسامح، وحنو الحكمة، ورجاحة العقل.

التسامح عند يونس مجاهد ليس مجرد شعار يُرفع في لحظات الخطابة، بل ممارسة يومية، وفلسفة حياة. لا يرد الإساءة بمثلها، ولا يقابل الحدة بالحدة، بل يختار درب التهدئة وبناء الجسور. لا يحمل الأحقاد، لأنه يعلم أن من يحمل الحقد إنما يحمل عبئاً يعطله عن التقدم.

برفقته داخل اللجنة، يقف خالد الحري، مدير نشر جريدة الصباح، ليشكّلا معاً ثنائياً فريداً، أشبه بخلوة إصلاحية، يعتكفان فيها على حل الخلافات، وتهدئة النفوس، وفتح نوافذ التفاهم. بينهما تنصهر الخلافات وتذوب جليد العلاقات المتجمدة، في زمن بات فيه الحوار عملة نادرة.

يونس مجاهد هو القلب الكبير الذي يذكّرنا بأن الإنسان يمكن أن يكون قوياً دون أن يكون قاسياً، صارماً دون أن يكون عنيفاً، حازماً دون أن يفقد رقّته الإنسانية. هو درسٌ حيّ في كيف يتحول الألم إلى عطاء، والمحن إلى منارات.

في زمن الأنا المتضخمة، يظل صوت يونس مجاهد ناعماً، لكنه مسموع، خافتاً، لكنه مؤثراً. لأنه صوت الضمير، صوت التسامح، صوت القلب الكبير.