المغرب

النيابة العامة..تميّزٌ مستمر

أثارنا في “زون24” مقالٌ نشرته يومية “الصباح” حول إستمرار تميز النيابة العامة في المغرب، وطبعاً المحتوى الذي نتحدث عنه في هذا النقال ليس بالضرورة أن يكون عبارة عن قراءة في الصحف لكنه خط الملتقى بيننا وبين زملائنا في مكتبهم بشارع المسيرة، ورؤية موحدة للعمل الدؤوب الذي تقوم به هذه المؤسسة.

تعتبر النيابة العامة في المغرب ركيزة أساسية في منظومة العدالة، حيث تلعب دورًا محوريًا في إنفاذ القانون وحماية الحقوق والحريات. ومع انتقال رئاستها من وزير العدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض سنة 2017، اكتسبت النيابة العامة استقلالية أكبر، مما عزز من فعاليتها في التصدي للجريمة وضمان سيادة القانون.

قبل إصلاح سنة 2017، كانت النيابة العامة تابعة لوزارة العدل، مما أثار تساؤلات حول مدى استقلاليتها. لكن بعد التعديلات التي جاء بها القانون رقم 33.17، أصبحت النيابة العامة سلطة مستقلة، تعمل تحت إشراف الوكيل العام للملك، وهو ما أتاح لها هامشًا أوسع من الحرية في اتخاذ القرارات بعيدًا عن أي تأثير سياسي أو إداري. هذا التحول لم يكن مجرد تعديل شكلي، بل كان خطوة استراتيجية نحو تعزيز استقلال القضاء، ما ينعكس إيجابيًا على ثقة المواطنين في النظام القضائي، ويدعم مبدأ المحاكمة العادلة.

تضطلع النيابة العامة بأدوار متعددة، تشمل مكافحة الجريمة عبر تحريك المتابعات القضائية، وتتبع تنفيذ العقوبات، واتخاذ التدابير الاستباقية لمكافحة الجرائم المستجدة، خصوصًا الجرائم الإلكترونية والفساد المالي. كما تعمل على حماية الحقوق والحريات من خلال الإشراف على احترام القوانين، خصوصًا في مجال الاعتقال الاحتياطي وحقوق المتقاضين. إضافة إلى ذلك، تنخرط النيابة العامة في التفاعل مع المجتمع عبر إطلاق مبادرات تواصلية وتوعوية، مثل تبسيط المساطر القانونية للمواطنين، وتعزيز الشفافية في عمل القضاء.

في ظل التحولات الرقمية، تسير النيابة العامة نحو رقمنة خدماتها لتسهيل الولوج إلى العدالة، وتوفير خدمات إلكترونية تُمكن المواطنين من تقديم الشكايات والتواصل مع المؤسسات القضائية بشكل سلس وآمن. هذه الدينامية الجديدة تعكس رغبة النيابة العامة في تبني التكنولوجيا الحديثة لضمان نجاعة أكبر في أدائها وتحقيق العدالة الناجزة.

أثبتت النيابة العامة في المغرب قدرتها على التكيف مع التحديات، من خلال تكريس الاستقلالية وتعزيز النزاهة والشفافية في عملها. ومع استمرارها في التحديث والرقمنة، تظل نموذجًا للمؤسسات الساعية إلى تحقيق العدالة وخدمة الصالح العام، مما يعزز ثقة المواطن في المنظومة القضائية ويؤكد أن مسار التميز مستمر.