العرايشي يبدِّد أموالنا

كان فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام للقطب العمومي، واحدا من الوجوه التي رُفعت صورها خلال احتجاجات 20 فبراير 2011 بشوارع الرباط وباقي مدن المملكة، في إشارة إلى غضب الشارع المغربي من رداءة ما تقترح عليه التلفزة المغربية من برامج يدفع ثمنها من عرق ضرائبه. لكن لا يبدو أن الرجل يأبه بحناجر المحتجين أو بغضبهم، بل لعل ذلك يشجعه على المضي قدما في سياسة تبديد المال العام، وهدر أموال دافعي الضرائب المغاربة، فقراء وأغنياء وطبقة متوسطة، على أعمال وبرامج ومشاريع معظمها تافه ولا يروق الذوق العام.
سياق الحديث هو إطلاق العرايشي، منذ بضع سنوات، تجربة رقمية أطلق عليها مسمى “SNRT NEWS”، وهي جريدة إلكترونية متخبطة، تفتقر لهوية مفهومة أو رؤية إعلامية واضحة، ولا تقدم أدنى قيمة مضافة للمشهد الإعلامي. وكيف لها أن تكون كذلك، وهي التي وُضِعت رهينة عند “ديناصورات” مُتهالكة مِهنيا، ولا يشفع لها تاريخها الصحافي لتقود تجربة سُخرت لها كل الإمكانات المادية والمعنوية، لتشكل نقلة نوعية في سياق الإعلام الرقمي المغربي، فإذا بها تتحول إلى ما يشبه الريع الذي تمتلئ به بعض الجيوب من أموال المغاربة، في ظل صمت مُطبق، بحيث يبقى نقاش الموضوع حبيس فئة قليلة من الإعلاميين الذين يعلمون بشأنه.
ذات مرة كان مدير نشر هذا الموقع، وهو زوج منتجة شهيرة في “تعمار الجيب” بمسلسلات وأفلام فارغة المعنى بائسة المبنى، تبثها القناة الأولى (أترك للقراء الأفاضل حرية تأويل هذا المعطى)، كان هذا المدير يشرح لفريق العمل فكرة الموقع قبل إطلاقه: فكرة من السخافة بمكان: “نديرو بحال موقع 2M” ! السؤال المطروح هو: هل القناة الثانية مؤسسة خارج القطب العمومي؟ ثم إذا كانت تجربتها ناجحة، فما الحاجة إلى صرف أموال عمومية إضافية في مشروع جديد كل ما يراد منه هو تقليد موقع 2M؟
ومن المضحكات المبكيات أن الموقع يكاد يكمل عامه الثالث بلا أدنى إضافة إعلامية تحسب له، ولا أدل على ذلك من أرقامه وإحصائياته الرقمية، حتى بالمقارنة مع مواقع إخبارية خاصة، لم يُسخر لها حتى رُبع تمويله، بل إن بعضها انطلق بتمويل ذاتي وبعده بمدة طويلة، واستطاع أن يضمن له مكاناً على الأقل في مؤشر “أليكسا”، وموطئ قدم في خارطة المواقع التي يُقبل المغاربة على موادها.
لقد خضع فيصل العرايشي لصاحب موقع إلكتروني فاشل، استغله بواسطة الابتزاز والبكائيات، فعينه مديرا على SNRTnews، ومنحه الضوء الأخضر لتشكيل فريق من رؤساء وسكرتيري التحرير، أقل ما يوصفون به هو العصابة، استهلوا مهمتهم بمحاربة الشباب الذين تم تشغيلهم بادئ الأمر بالموقع، بعقود عبودية “فريلانس”، لا تليق بمؤسسة عمومية، مفتقدين لكامل حقوقهم الشغلية التي يكفلها لهم القانون. لكنهم ما لبثوا أن ضاقوا ذرعا بضغوطات “العصابة” وشرعوا في الهروب من المؤسسة منذ الأشهر الأولى لانطلاقها، بل إن بعضهم فضل البطالة على العمل في ظروف عبودية مهينة، لاسيما وأن مدير النشر ورئيس التحرير وسكرتارية التحرير يريدون تطبيق صحافة ورقية عتيقة أكل عليها الدهر وشرب، ولا يفقهون في الصحافة الرقمية قيد أنملة.
والسؤال مفتوح للعرايشي ومن يسانده: أليس من العيب أن توضع أموال الشعب في جيوب هؤلاء الفاشلين، الذي قضوا على أحلام صحافيين شباب من خيرة ما أنتجت المعاهد والجامعات، وأفشلوا تجربة سخرت لها كل الظروف للنجاح بل التألق؟