صديقنا بودريقة!

عندما أصدر “جيل بيرو” كتابه “صديقنا الملك” وهو يتحدث عن مغرب الحسن الثاني وإنقلابي الصخيرات 1971، والبوينغ 1972، وعن معاناة سجناء تزمامارت الرهيب وأشياء أخرى، بعض الصور التي رسمها الصحافي الفرنسي في الكتاب من منزله بسواحل النورماندي، سيكذبها عبد الهادي بوطالب بعد عقدين من الزمن في منبر “شاهد على العصر” الذي كان يعده ويقدمه أحمد منصور على قناة “الجزيرة”، لم تتحالف حاشية الملك أو القوى السياسة المستفيدة حينها ضد بيرو، لكننا في إفتتاحية “صديقنا بودريقة” وإن كان الامر مختلفاً نسعى لأن يتقبل رئيس نادي الرجاء الرياضي وحاشيته نقدنا، ففي الأخير يبقى مسؤولاً رياضياً وسياسياً بينما لا توجد نية للنبش في أموره الشخصية والعائلية التي لن تزيد من نقدنا شيئاً.
يغيب محمد بودريقة على المغرب منذ يناير 2024، ويُجهل إلى حدود اللحظة مكانه بالتحديد بين فئة تقول كندا، لندن، دبي، وفئة ثانية ترجح تواجده في بيروت (بلد زوجته) أو جنوب إسبانيا رفقة أفراد من أسرته، وبين هذا وذاك يبقى الرجل موضوع مذكرة بحث وطنية، بينما تقول تقارير إعلامية وطنية على مسؤوليتها أن رئيس مقاطعة مرس السلطان هو أيضاً موضوع مذكرة بحث دولية، لم تؤكدها مصادرنا إلى حدود كتابة هذه الإفتتاحية.
على مسؤوليته أخبر محمد بودريقة عبر الصفحة الرسمية لنادي الرجاء الرياضي، وعبر صفحة “ميني بودريقة” أو إبن بودريقة أنه ذهب إلى لندن لاجراء عمليتين على القلب، إلتقيت طبيب قلب شهير ونحن نحتسي قهوتنا بشارع أنفا الشهير بالدار البيضاء، طرحت عليه مجموعة أسئلة، كان ضمنها ماهي فترة نقاهة مريض أجرى عملية جراحية على القلب؟ قال الطبيب أدناها 48 ساعة وأقصاها سبعة أيام.
لا يمكن لمختص في جراحة القلب والشرايين أن يطلق الكلام على عواهنه، لكنني أستغرب قضاء هذه المدة الطويلة لبودريقة خارج أرض الوطن، تزامناً مع محاكمة غيابية بالمحكمة الابتدائية الزجرية بعين السبع بدأت في 09 فبراير وإنتهت في 13 مارس بنطق حكم وصفه موقع “كود” بغريب عجيب، سنة حبساً موقوف التنفيذ وغرامة قدرت في 232 ألف و500 درهم بسبب شيكات بدون رصيد.
توجهنا بشكل مهني إلى السيد محمد بودريقة غبر رقمه اللندني، وبعثنا له رسالة كالتالي: “السلام عليكم السيد محمد بودريقة، معك ياسين حسناوي مدير نشر موقع “زون24″، هل يمكننا طرح بعض الأسئلة التي تشغل الرأي العام بما أنكم شخصية عمومية؟”، غير أن بودريقة سيلجأ بشكل مباشر إلى اسلوب التهديد برفع دعوى قضائي ضد الموقع، وهو لا يؤمن بأن المحكمة مرفق عمومي وأن القضاء والنيابة العامة هما مؤسستان مستقلتان، وأننا نكتب “صديقنا بودريقة” من الدار البيضاء، وليس من سواحل النورماندي، وأن المشتكي هو الطرف الأول في مسطرة الإستماع لدى الضابطة القضائية.
يعود رئيس الرجاء ليثير الجدل عبر صفحته الرسمية لنهج سياسة “السريح” لجمهور يشمل جميع الفئات وبعقليات مختلفة، طبعاً لا يقدر بودريقة على نهج السياسة مع الجميع خصوصاً من يقودون “الأولتراس”.
في بعض المحاضرات التي قدمتها داخل مدرجات الجامعة أو في معاهد خاصة، حول “الخطاب” كنت أعطي الامثلة بالاولتراس والأدوار الكبيرة التي تقوم بها هذه المكونات، ولولا قوتها الفكرية ما سعت أجهزة الدولة لقتلها ولو رمزياً وبقية القصة تعرفونها.
عندما أطالع ما ينشره محمد بودريقة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، ينتباني إحساس بالخوف على المستقبل الرياضي للمغرب، رئيس أعرق أندية المملكة يكتب بأسلوب يميل إلى الزنقاوية في بعض الاحيان، طبعاً ليس بودريقة وحده من يسيء للبلد رياضياً وسياسية هناك زنازن في سجن عكاشة تحمل كلاماً مماثلاً، يحتاج البلد “تعاويد التعازيلة” بكل صدق.
عندما قال الملك محمد السادس في رسالة للنادي “وليظل مثالا جديرا بالإقتداء من لدن مختلف الأندية الرياضية الوطنية.”، عاهل المملكة لا يمكن أن يطلق كلاماً عابراً، وطبعاً هو لا يقصد الرجاء رئيساً أو أطقماً أو لاعبين وإما الرجاء ككيان، وهذا ما أسعى قوله لفئة من المدافعين عن بودريقة لأنه رئيس النادي، وكيل السب والقذف لموقعنا في محطات كثيرة.
أخيراً أقول لمحمد بودريقة لن تنفعك صورة مع الملك في ملعب مراكش، ولا إقحام إسم الرجاء الرياضي وإضافة “الملكي” إليها، الحيلة لا تنطلي على نظام سياسي يعمل بدستور أساسه إستقلالية السلط، صديقنا بودريقة ننتظر طائرة تقلك إلى مطار محمد الخامس، وإن قيل إنك آت نهاية الأسبوع، إنا لمنتظرون.