افتتاحية

نهاية رجل ثرثار

تمنيت لو أنني كتبت في عنوان هذه الافتتاحية “نهاية رجل شجاع”، كما كتبها الروائي السوري حنا مينة لكن يا للأسف الشجاعة عملة نادرة داخل احزابنا وحكومتنا ومجلسي برلماننا حتى لا نقول إن “شجاعة السياسي” منعدمة مصادرة لحق قلة ممن يحملون هموم هذا الشعب، وإن كان الاستثناء لا يقاس عليه أمام القاعدة.

“أعلنها أمامكم؛ لن أترشح لولاية ثانية”، هذه أجمل جملة خرجت من بين شفاه عبد اللطيف وهبي الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، في المؤتمر الخامس المنعقد نهاية الاسبوع ببوزنيقة، هذا الجملة قد تبدو عادية، لكنها بالنسبة للكثيرين هي نهاية رجل ثرثار على الأقل في المشهد الحزبي، مع ضرورة التأكيد على التحلي بالصبر على ما سيثرثر به بجبة وزير العدل في حكومة عزيز أخنوش، واما مهنته فلا دخل لنا فيها، ما دام لا يتقاضى راتباً من المال العام عند مزاولتها.

في نهاية 2016 سألتقي بعبد اللطيف وهبي المحامي في محيط محكمة سلا، ضمن محاكمة المتهمين فؤ ملف “اكديم ايزيك” الذي عاشت أقاليمنا الجنونية أحداثه الأليمة، تقدمت إلى وهبي أحمل ميكروفون المؤسسة التي كنت أنتمي إليها، طلبت منه أن يدلي بالإسم والصفة، اجابني وهبي: “واش نتا مكتعرفنيش؟ كيبان ليك نتا جديد في الصحافة إلى كنتي مكتعرفنيش”، قالها بطريقة إستفزازية، ثم بدأ التصريح بإسمه وصفته، وعند نهاية التصريح إعتذر عندما شرحت له أنني أعرف إسمه وصفته، لكن المكلف بالتوظيب (montage) لا يعرف لا إسمه ولا صفته، مع ذلك أخذت إنطباعاً على أن عبد اللطيف وهبي رجل متعجرف ولا يصلح للسياسية.

سأعود لأعجب بخطاب عبد اللطيف وهبي، أيام المقاطعة، لكن هذا الإعجاب سيتبخر مباشرة بعدما أصبح وزيراً وعبر على أن عبد اللطيف وهبي الوزير ليس هو عبد اللطيف وهبي في المعارضة، تبين أن كل كلامه كان كذباً على المغاربة ويعترف بعظمة لسانه أنه ضحك على شعب بأكمله.

سننتقد اليوم حزب الأصالة والمعاصرة بهذه القيادة الغريبة، دون أن نفكر في الجمل والكلمات التي سنتحدث بها أمام الشرطة وأما النيابة العامة، فعبد اللطيف وهبي هو عدو الصحافيين الأول في المملكة، ولكم في عدد الشكايات الموضوعة خير دليل.

لن نسمع بعد الآن “كنتكلم معك أنا أمين عام الحزب السياسي الثاني في البلاد”، من الآن فصاعداً يجب أن تغمر الصحافيون السعادة، لأن مسؤولاً فاشلاً لم يبقى قائداً لحزب ولد وفي فمه ملعقة من ذهب.

التاريخ لن ينسى “ولدي عندو باه لاباس عليه وصيفطو يقرا”، ولن ينسى “انا امين عام حزب الأصالة والمعاصرة منرضاش أمين هام حزب آخر يرأسني في الحكومة” وذاكرة المغاربة ستتذكر “بالهدوء ومن تحتها” موظف وزارة الثقافة سيتذكر “تقاشرو اللي كتعرف الألوان ديالهم”.

نهاية رجل ثرثار بالفعل على المستوى الحزبي، ولفظ عبد اللطيب وهبي من قيادة الجرار، سيعيد للحزب نفساً آخر، في إنتظار تعديل حكومي قد يأتي وقد لا يأتي، لكن الانتخابات المقبلة حتماً قادمة لمعاقبة وهبي ومن معه.

لا يمكن لوهبي أن ينكر أنه محامي سعيد الناصيري رئيس نادي الوداد الرياضي ورئيس مجلس عمالات الدار البيضاء، وعبد النبي بعيوي رئيس جهة الشرق المتهمان معاً بالاتجار في المخدرات ضمن عصابة “إسكوبار الصحراء”.

هناك أشياء كثيرة يمكن التحدث فيها عن عبد اللطيف وهبي، لكن نهايته الحزبية ستحول بوصلتنا إليه بصفته وزيراً للعدل في إنتظار خطبة وداع الحكومة تعديلاً ملكياً أو عقاباً شعبياً انتخابياً.