سياسة

سيدي مومن بالدار البيضاء..كيف طَوَّسَ الوَطّاسُ الجماعة

مباشرة بعد نهاية أشغال الدورة العادية لشهر يناير لمقاطعة سيدي مومن بالدار البيضاء، وجد الدكتور عبد الرحيم الوطاس، رئيس المقاطعة، نفسه أمام مجموعة من الميكروفونات موجهة له سؤالا واحدا يتمحور حول “حصيلة الجماعة في السنة المنصرمة”.

دون تردد، رد بابتسامة واكبتها نظرة مباشرة في أعين مخاطبيه لكي يلفت الانتباه أكثر، قائلا: “لا يمكن توقيف العداد والحديث عن حصيلة في ميدان الشأن المحلي والسياسة بصفة عامة، لأن العمل متواصل من أجل تحقيق الأفضل” في إشارة إلى أن المصطلح (حصيلة/bilan) المستورد من عالم الماركوتينك والتجارة، لا محل له من الإعراب في هذا الإطار، مكتفيا فقط بإعطاء أمثلة، لأنه خبير في التواصل السياسي، يعرف جيدا مسألة التلاعب بالعناوين وقطع التصريحات والتأويلات المرافقة لها، لذلك فضل اختيار أمثلة معينة لتسليط الضوء على مشاريع بعينها.

بعد هذا “الحاجز” الإعلامي، تلقفه “حاجز” إعلامي آخر بنفس الميكروفونات، ونفس السؤال المتمحور حول “الحصيلة”، ليكون الرد بنفس اللباقة والمعنى، داعيا مخاطبيه إلى الحضور للقاء من أجل تعميق النقاش حول المنطقة وساكنتها، للخروج بخلاصات يمكنها مساءلة وإغناء المشروع السياسي الذي تم وضعه منذ أن تم العمل بنظام وحدة المدينة في الدار البيضاء، حيث تسير المقاطعة وفق رؤية المدينة وتخطيط الجهة.

في هذه الأثناء، انتفض أحد الحكماء الذي كان يتابع الوضع عن قرب، قائلا: ” بالله عليكم لماذا لا تستثمروا قدرات وطاقات وتجربة هذا الرجل، إضافة إلى تكوينه الأكاديمي بوضع أسئلة تحرك مخزونه المعرفي للحصول على أجوبة عميقة”.

كلام الحكيم، الذي كان أكثر ترابطا دون ترديد كلمات ليملأ بهما الصمت أثناء الحديث، يقصد استثمار علم الرئيس الذي يشتغل كذلك كأستاذ زائر -بدون مقابل- للتواصل السياسي في جامعة الحسن الثاني، للنهوض بكل فعاليات المجتمع المدني بسيدي مومن الذي يزخر بالطاقات الإيجابية، لتقوية مهاراتها، وتمكنيها من أدوات علمية؛ لتشخيص الواقع ودراسته، حتى تكون قوة اقتراحية فعالة تتمتع بمناعة عالية تقيها شر المناورات الانتخابية، والحسابات الضيقة، للنهوض بالمجتمع باعتباره قاطرة على صعيد جهة الدار البيضاء.

وهذا فعلا ما أشار إليه الدكتور الوطاس في أولى اجتماعاته مع مجموعة من الجمعيات النشيطة بالمنطقة؛ لكي يتوصل الجميع إلى جعل سيدي مومن منطقة بدون صفيح، وبدون انتخابات الصفيح، وأصوات الصفيح، مع تقوية برامج الصيانة الاعتيادية والوقاية من انتشار آفة السكن غير اللائق وكل أشكال الظواهر الاجتماعية المرافقة له.

في هذا السياق يمكن القول أن الوطاس يستمد فلسفته من خطاب الملك عندما أكد جلالته في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة، أن المغرب “في حاجة لكل أبنائه، ولجميع القوى الحية والمؤثرة، وخاصة هيئات المجتمع المدني ، التي ما فتئنا نشجع مبادراتها الجادة، اعتبارا لدورها الإيجابي كسلطة مضادة وقوة اقتراحية ، تساهم في النقد البناء وتوازن السلط”