المغرب

خلاصة بفهم خاطئ لضابط في BNPJ كادت تتسبب في سجن مدير “زون24”

«تجدر الإشارة أن صفة مدير النشر لا تُعطى من طرف النيابة العامة ولا تتواجد ضمن الشروط المحددة في المادة 16 من القانون 88/13 المنظم للصحافة والنشر، الذي صرح بأنه يمنح هذه الصفة حيث ورد حصراً هذه المادة مجموعة من الشروط أهمها شرط التوفر على صفة صحفي مهني وهي الصفة التي لا يتوفر عليها والتي تُمنح حصراً من طرف المجلس الوطني للصحافة، كما أنه ومن خلال المادة 04 من القانون المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين عدد 89.13 بتاريخ 2016/04/27 يتم إثبات صفة الصحفي المهني بواسطة بطاقة الصحافة التي تُسلم فقط من طرف المجلس الوطني للصحافة وفق المادة 06 من نفس القانون، وهي التي لا يتوفر عليها الماثل أمامكم لممارسة مهنة الصحافة ولا حتى مدير النشر.

ولذا ومن أجله أقدم أمامكم المعني بالأمر قصد تسطير ما ترونه مناسباً في حقه ولكل غاية مفيدة.»

بهذا المقتطف، الذي أُدرج حرفياً ضمن محضر رسمي، كادت خلاصة غريبة وعجيبة أن تتسبب في سجن مدير نشر موقع “زون24”، لا لشيء سوى بسبب فهم خاطئ، أو تأويل متعسف، لمقتضيات قانون الصحافة والنشر. خلاصة صدرت عن ضابط أمن يعمل بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية (BNPJ)، لم نفهم في هيئة تحرير “زون24” الغرض الحقيقي منها، خصوصاً وأنها بدت، في صيغتها ومقاصدها، كتعليمات مباشرة موجهة إلى السيد وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية الزجرية بعين السبع.

الضابط المسمى (ز.ش)، الذي تولى التحقيق مع ياسين حسناوي، مدير نشر موقع “زون24”، في شكايتين متتاليتين؛ الأولى تقدم بها مدير القناة الأمازيغية، والثانية يقف وراءها أستاذ جامعي بمدينة سطات، اجتهد ــ خارج السياق القانوني السليم ــ في تأويل مواد واضحة من قانون 88.13 ومن القانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، وخلص إلى استنتاجات لا تستقيم لا مع النص القانوني ولا مع الاجتهاد القضائي المستقر.

وإن كانت الجهة أو الجهات التي تقف وراء هذه المحاولة للزج بمدير النشر في السجن قد فشلت، بفضل نباهة وحكمة السيد وكيل الملك الذي انتبه لخطورة تلك الخلاصة وما تنطوي عليه من خلط، فإن ما يثير الاستغراب حقاً هو أسلوب تعامل ضابط الشرطة هذا مع ملف ذي طبيعة صحفية-قانونية دقيقة. إذ تشير معطيات الملف إلى أنه كان، بين الفينة والأخرى، يغيب لبضع دقائق بدعوى الاستشارة، ثم يعود محمّلاً بـ“فهمه الخاص” لمواد قانون الصحافة والنشر، قبل أن يحرر خلاصة كان من شأنها أن تُرتّب آثاراً خطيرة على الحرية الشخصية لمدير نشر موقع إلكتروني.

إن أخطر ما في الأمر ليس مجرد خطأ في التقدير، بل تحويل الخلاصة الأمنية إلى ما يشبه توجيهاً للنيابة العامة، في تجاوز صريح لأدوار محددة دستورياً وقانونياً. فالمسطرة الجنائية واضحة في توزيع الاختصاصات، وقانون الصحافة والنشر بدوره وضع ضمانات خاصة لحماية حرية التعبير والصحافة، ومنع خلطها بقوانين زجرية عامة إلا في أضيق الحدود.

سياق العودة إلى جلالة الملك بعد الحكم الابتدائي، لم يكن عبثاً ولا بحثاً عن تصعيد، بل إعلاناً عن وضع شكاية في الموضوع من طرف المعني بالأمر، دفاعاً عن نفسه وعن مبدأ سيادة القانون، واحتجاجاً على تأويلات قد تفتح الباب مستقبلاً أمام ممارسات أخطر تمس جوهر حرية الصحافة.

ولمن يعتقد أن موقع “زون24” يهدف من خلال نشره لهذه المعطيات إلى الضرب في المؤسسة الأمنية، فهو واهم ومخطئ. فالموقع بنى خطه التحريري، منذ تأسيسه، على احترام المؤسسات الدستورية للدولة، والإيمان بدورها المركزي في حماية الاستقرار وسيادة القانون. لكنه، في المقابل، لا يمكن أن يقبل بتصرفات محسوبين على إحدى هذه المؤسسات، إذا كانت مبنية على سوء فهم للقانون، وقد تتسبب في سجن مدير نشر أو في تلفيق تهم خطيرة تمس السمعة والحرية.

إن ما جرى ليس تفصيلاً عابراً، بل ناقوس خطر يدق للتنبيه إلى ضرورة التكوين القانوني المتخصص في قضايا الصحافة والنشر، واحترام حدود الاختصاص، حتى لا تتحول سلطة البحث إلى أداة ضغط، ولا يصبح الخطأ في الفهم سبباً في المساس بحرية الصحافة والأشخاص.