سياسة

المهدي والمستشار والقصور التواصلي

كيف لوزير يُفترض أنه مسؤول عن “التواصل” أن يكون هو نفسه عاجزاً عن أبسط مبادئ هذا المفهوم؟ المهدي، الذي يتصرف كأنه في برج عاجي، يترك مهمة التواصل لمستشاره الخاص، الذي يبدو أن وظيفته الوحيدة هي قطع الطريق أمام الصحفيين بدل تسهيل عملهم. وهنا يمكن طرح سؤال آخر: ما فائدة وزارة لا تعرف معنى “التواصل” إلا كشعار أجوف.

المعني بالأمر، الذي تحوّل إلى “بوّاب” الوزارة، يفرض بيروقراطية تواصلية سخيفة، حيث لا يمكن لأي صحفي أو صحفية الحصول على معلومة من مسؤول في الوزارة، ولو كان حارس أمن، إلا عبره. لكن المفارقة الكارثية أن الرجل لا يرد على الهاتف، ولا يقدم أي معطيات، بل يتحوّل إلى شبح عندما يُحتاج إليه. فهل هذه هي “الشفافية” التي يتبجح بها المهدي؟ أم أنها سياسة متعمَّدة لإخفاء العجز والفشل؟

والغريب أن هذا “المسؤول عن التواصل” سبق أن تبرأت منه إحدى الجرائد الرياضية بعدما ادعى الانتساب إليها واستغل اسمها لأغراض مشبوهة. فكيف يثق وزير بمستشار بهذه السمعة؟ وكيف يُعقل أن يُعهد إليه بملف التواصل وهو لا يحترم أبسط سبل التواصل؟ وإذا كان الأمر افتراءً من الجريدة، لماذا لم يتجه للقضاء من أجل إخلاء مسؤوليته؟

المهدي، الذي يحلم بقيادة ثاني أكبر قوة سياسية وربما بحكومة المونديال، لا يستطيع حتى إدارة تواصل بسيط مع الصحفيين المهنيين. فكيف سيدير ملفاً أكبر وهو عاجز عن إقناع الإعلاميين بأنه جدير بمنصبه؟ إنها مهزلة أن يكون وزير التواصل هو الأصمّ عن صوت الإعلام، وأن يكون مستشاره هو العائق الأكبر أمام أي تواصل مهني.

ويرى عدد من الزملاء أن هذه الوزارة، بوجود هذا الثنائي الفاشل، تحوّلت إلى مثال حي على البيروقراطية العقيمة والانعزال المتعمد، وتسريب المعطيات لبعض المقربين بشكل لا يخدم لا السياسة التواصلية للحكومة ولا للوزارة التي يُفترض أن هذا الشخص مكلف فيها بالتواصل. فإما أن يعيد المهدي النظر في سياسة “الانغلاق” وتسريبات “المصدر الموثوق” هذه، وإما أن يعترف بأنه وزير بلا تواصل، وبالتالي بلا جدوى، ولا يصلح لا لقيادة التراكتور ولا لالتقاط الصور مع إلغراندي طوطو.