“المستشار الإعلامي”..الحاجة إلى إعادة النظر في جيل “حمم نيفك وقول انا مستشار”

على الرغم من صرف رواتب تبدأ من 3000 درهم أحياناً على أشخاص يلبسون ثوب “المستشار الإعلامي” أو “مستشار التواصل” غير أن مؤسسات كثيرة أدخلها هؤلاء في أزمات متعددة، لأنه لا رابط بينهم وبين التواصل بل يصدق فيهم المثل الشعبي القائل “غير حمم نيفك وقول أنا حداد”
في ظل التطورات السريعة التي يشهدها قطاع الإعلام والتواصل، أصبحت المؤسسات، سواء الحكومية أو الخاصة، في حاجة ماسة إلى مستشار إعلامي قادر على توجيه استراتيجياتها الإعلامية وضبط علاقتها مع وسائل الإعلام والجمهور. المستشار الإعلامي لم يعد مجرد وسيط بين المؤسسة والصحافة، بل بات يلعب أدوارًا استراتيجية تتجاوز التغطية الإعلامية إلى بناء الصورة الذهنية وإدارة الأزمات وتحليل البيانات الإعلامية.
يقوم المستشار الإعلامي بوضع الخطط الإعلامية التي تتماشى مع أهداف المؤسسة، ويحدد أنجع السبل للتواصل مع الجمهور المستهدف، سواء عبر وسائل الإعلام التقليدية أو عبر المنصات الرقمية. كما أنه يشرف على إعداد الرسائل الإعلامية الرسمية لضمان تناسق الخطاب المؤسسي مع قيمها وأهدافها، ويحرص على تقديم المؤسسة بصورة إيجابية أمام الرأي العام.
إدارة الأزمات تعد من أهم الأدوار التي يضطلع بها المستشار الإعلامي، حيث يكون مسؤولًا عن صياغة استراتيجيات التعامل مع الأزمات الإعلامية، والتفاعل السريع مع الأخبار السلبية، وتقديم التصريحات التي تحد من تأثيرها على صورة المؤسسة. كما يعمل على بناء علاقات قوية مع الصحفيين ووسائل الإعلام لضمان وصول المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب.
تحليل المحتوى الإعلامي ورصد الانطباعات العامة حول المؤسسة من المهام الأساسية للمستشار الإعلامي، حيث يعتمد على أدوات تحليلية لقياس تأثير الحملات الإعلامية ومعرفة توجهات الرأي العام، مما يساعد على اتخاذ قرارات مبنية على معطيات دقيقة. بالإضافة إلى ذلك، يعمل على توجيه القيادات داخل المؤسسة للتعامل مع الإعلام بطريقة فعالة، عبر تقديم استشارات وتدريبات في مجال التواصل.
لاكتساب صفة المستشار الإعلامي، يجب أن يتمتع الشخص بخبرة واسعة في مجال الإعلام والاتصال، ومعرفة دقيقة بآليات العمل الصحفي، إضافة إلى إلمام عميق بتقنيات التسويق والعلاقات العامة. كما أن القدرة على التحليل والاستشراف والتعامل مع الضغوط تعد من الصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها.
التواصل الفعّال شرط أساسي في هذا المجال، حيث يجب أن يكون المستشار قادرًا على التفاوض والإقناع وصياغة الرسائل الإعلامية بأسلوب احترافي. إضافة إلى ذلك، فإن الإلمام بالتشريعات والقوانين المنظمة للمجال الإعلامي، خاصة تلك المتعلقة بالصحافة وحرية التعبير، يعزز من قدرته على تقديم استشارات دقيقة تتماشى مع الإطار القانوني.
في عصر الإعلام الرقمي، أصبح لزامًا على المستشار الإعلامي أن يكون متمكنًا من أدوات التواصل الحديثة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي وتحليل البيانات الرقمية، لضمان وصول الرسائل الإعلامية إلى أوسع شريحة ممكنة. كما أن القدرة على إدارة الأزمات في الفضاء الرقمي والتعامل مع الحملات الإعلامية السلبية عبر الإنترنت باتت من المهارات الأساسية التي لا غنى عنها.
يظل المستشار الإعلامي عنصرًا محوريًا في أي مؤسسة تسعى إلى تعزيز حضورها الإعلامي وبناء صورة إيجابية، إذ يجمع بين المهارات الاتصالية، والخبرة الإعلامية، والرؤية الاستراتيجية، مما يجعله أحد أهم الفاعلين في صياغة السياسة الإعلامية للمؤسسة وضمان نجاحها في كسب ثقة الجمهور.