افتتاحية

الملكُ يفضحُ الحكومة

في وقت كان فيه المغاربة يتوقعون تحسينات ملموسة في مستوى معيشتهم، جاءت الحكومة لتفضح نفسها عبر مجموعة من التصريحات والقرارات التي تثير أكثر من سؤال حول جدية إصلاحاتها لم تعد الأمور في المغرب محكومة بتوقعات عادية، بل أصبحت أزمات يومية تؤثر بشكل مباشر على المواطن، وهو ما كشفته مؤخرا تصريحات بعض الشخصيات السياسية والتجارية.

فضيحة السردين في مراكش كانت واحدة من أقوى هذه الفضائح، حيث تحدى عبد الإله، “مول الحوت”، الجميع ليكشف واقع أسعار السردين في السوق المراكشي، التي فاقت التوقعات بشكل غير معقول. السردين، الذي كان يعد من أكثر المواد الغذائية الشعبية والمستهلكة، أصبح اليوم سلعة نادرة وغير متاحة للكثير من الأسر المغربية، مما يعكس بوضوح حجم الأزمة التي تتخبط فيها الحكومة في تدبير ملف الغلاء.

ومن جهة أخرى، جاء تصريح نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، ليكشف عن معاناة المواطن المغربي اليومية من موجة الغلاء التي أضحت تضر بكل الفئات الاجتماعية. تصريحات بركة، التي أشار فيها إلى أن الحكومة فشلت في التعامل مع ارتفاع الأسعار، ألقت الضوء على سياسة اقتصادية غير قادرة على مواجهة التحديات الكبيرة التي يواجهها المواطن.

لكن، فضيحة أخرى تنضاف إلى هذه القائمة وهي فضائح رئيس الحكومة، عزيز أخنوش  فالرجل الذي كان في السابق وزير الفلاحة، ويجمع الآن بين منصبه الحكومي وكونه واحدًا من أقوى رجال الأعمال في المغرب، يواصل استفادته من مصالح اقتصادية خاصة به، حيث يستمر في تضارب المصالح بشكل صارخ، خاصة في ملف المحروقات. في الوقت الذي تعرف فيه أسعار المحروقات ارتفاعًا غير مبرر، وتضرر منه المواطنون بشكل مباشر، يبقى أخنوش يستفيد من شركاته الخاصة التي تعمل في نفس القطاع، مما يثير العديد من التساؤلات حول شفافية القرارات الحكومية وأثرها على جيب المواطن المغربي.

في هذا السياق، جاء قرار الملك محمد السادس بإلغاء شعيرة الذبح وتوجيه العناية نحو رفع الأعباء المعيشية عن المواطنين هذا القرار الذي أتى في وقت حساس، يعكس توجه الملك نحو التفكير في الحلول التي قد تخفف عن المواطنين وتقلل من الأعباء الاقتصادية عليهم، مع التركيز على أولويات المملكة في التنمية والعدالة الاجتماعية.

لكن، تبقى الإشكالية الأساسية التي تطرحها هذه المواقف هي كيفية استجابة الحكومة للتحديات الراهنة في وقت يطالب فيه المواطنون بتقليص الفوارق الاجتماعية وضمان استقرار الأسعار، تظهر الحكومة في موقف غير قادر على التعامل مع أزماتٍ كان من المفروض أن تكون قد عالجتها منذ وقت طويل. إن تفاعلات الملك مع الوضع تُظهر عدم رضاه عن أداء الحكومة، ويفرض السؤال حول مدى قدرتها على الاستجابة لمتطلبات الشعب في المرحلة القادمة.