السلطة الرابعة

بشرى لك يا حميد

حميد المهداوي، أكثر صحافي يتعرض للانتقاد، والمؤسف في الأمر أن هذا الانتقاد غير بناء، وصل بأشخاص للضرب في عرض والدته، وإتهام امرأة لا نعرفها كونها زانية ومارست الجنس مع الجزار والخضار، وأن المهداوي إبن زنا وإبن حرام، هذه ليست إنتقادات هذه قلة حياء و”تبرهيش” يستدعينا جميعاً للوقوف وقول كلمة الحق، المهداوي في الأخير هو مواطن مغربي يعبر عن مواقفه وآرائه، تختلف أو تتفق معه يبقى صوتاً لا بد منه في سياق قتامة مشهدنا الاعلامي.

عندما كان حميد المهداوي يقضي أسابيعه الأخيرة في السجن، كنت أقول مع نفسي كيف سيكون المهداوي بعد السجن، ونفسي تخاطبني سيغير خطابه أو “يبيع الماتش” بلغة غرارين عايشة، لكن صوتاً تحرك في داخلي وقال: “حتى الى باع الماتش من حقو، شكون عقل على بشرى يوسف وسلافة فاش كان هو كيضرب في ثلاث سنوات ديال الحبس”.

عندما بدأ يبث حلقاته عبر “يوتيوب” حينها تيقنت أن حميد صحافي يعرف حدوده، وقد استفاد من أخطاء الماضي، وحد ما يتكلم فيه اليوم هو المسموح به في هذا البلد.

أذكر هنا يوم إعتقاله بالحسيمة، كنت حينها أشتغل في مؤسسة لا أريد ذكرها، نظراً للعلاقة الطيبة التي تربطني بمشغلي الاسبق، كان هناك إجتماع بين اباطرة صحافة التشهير، فطلب مني كتابة مادة صحفية ضد حميد، وبعبارة “طحن الكلب”، لكن ضميري لم يسمح لي بذلك، فكتبت منتصراً لنفسي بخط لاماب مع المسؤولين “إعتقال السيد حميد المهداوي بالحسيمة” وحصلت على عقوبة فيما بعد، لكنها لم تؤثر علي.

سأغادر هذه المؤسسة نهائيا، بعدما طلب مني في برنامجي مهاجمة زميل وصديق وأخ عزيز أعتقل هو الآخر في الحملة الاخيرة التي تلت اعتقال المهداوي وبوعشرين.

واتذكر اليوم الذي كان سيغادر فيه حميد المهداوي السجن، كان يوماً ساد فيه الضباب صباحاً، وبينما يكتب الكثير من الناس عن إستنشاق الحرية بفتح باب سجن تيفلت، عادت رباعة “إنا عكسنا” لتعلق على لباس بشرى، رغم أنه لباس لا يدعو للتعليق (وجهة نظر تلزمني).

في ليلة الحكم على حميد، كنت حينها مرافقاً لسليمان الريسوني ببهو المحكمة، واتذكر كلماته فك الله اسره، فدمعت عيناي وأنا أرى صغيراً إسمه يوسف وصغيرة إسمها سلافة، وأما إسمها بشرى تحمل من صفات الأمومة والزوجة الشيء الكثير.

ولأن حميد اليوم يتعرض للضرب في شرف أمه وزوجته، فإنه من واجبنا أن نشجب هذه التصرفات المشينة، بشرى لك يا حميد، أرجوا ألا تزعزعك كلمات هؤلاء الذين فقدت الانسانية من قلوبهم وساد البغض والحقد والحسد، وفي الختام اقول “لا تأسفن على غدر الزمان، لطالما رقصت على جثت الأسود كلاب، لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها تبقى الأسود أسود والكلاب كلاب”.