رغم هالة الاستوديو.. القناة الثانية تمسُّ الوحدة الترابية أمام الأفارقة والعالم

في الوقت الذي يحتضن فيه المغرب نهائيات كأس الأمم الإفريقية 2025، وتُسخِّر فيه مختلف المؤسسات العمومية إمكانياتها لتقديم صورة مشرفة عن بلدٍ منظم، مستقر، وذي إشعاع قاري ودولي، سقط برنامج “planète foot” الذي تبثه القناة الثانية في خطأ جسيم لا يمكن المرور عليه مرور الكرام.
البرنامج، الذي يُفترض فيه أن يواكب الحدث القاري ويُسهم في تسويق المعطيات الأساسية عن البلد المنظم، قدّم معطيات جغرافية مبتورة عن المملكة، بعدما حذف مساحة الأقاليم الجنوبية من خريطة المغرب، وقدّم مساحة البلاد على أساس أنها 446.550 كيلومتراً مربعاً، في تجاهل تام للمساحة الحقيقية للمغرب البالغة 710.850 كيلومتراً مربعاً باحتساب أقاليمه الجنوبية.
قد يعتبر البعض هذه السقطة “عادية” أو مجرد خطأ تقني عابر داخل استوديو تلفزيوني، لكن الحقيقة أن الأمر أخطر من ذلك بكثير. نحن لا نتحدث عن زلة لغوية أو رقم إحصائي ثانوي، بل عن معطى سيادي يرتبط بشكل مباشر بالوحدة الترابية للمملكة، خاصة في سياق دولي وقاري حساس، حيث يُتابع المحتوى الإعلامي المغربي من داخل وخارج الوطن.
إن تسويق صورة المغرب، خصوصاً خلال تظاهرة كبرى من حجم كأس الأمم الإفريقية، لا يقتصر على الملاعب والبنية التحتية والتنظيم المحكم، بل يشمل أيضاً الدقة في المعطيات، والوعي السياسي والوطني، والانتباه للرمزية التي تحملها الخرائط والأرقام والمعلومات المقدَّمة للجمهور.
غير أن أخطاء من هذا النوع، مهما كانت نواياها، تسيء لسمعة الوطن قبل أن تسيء للمؤسسة الإعلامية نفسها، وتفتح الباب أمام تأويلات لا تخدم المصالح العليا للبلاد.
هذه المرحلة تقتضي قدراً أعلى من اليقظة والمسؤولية داخل غرف التحرير واستوديوهات التحليل، لأن المغرب وهو يدخل موعداً قارياً كبيراً، لا يحتمل مثل هذه الهفوات التي تمس جوهر ثوابته. فالوحدة الترابية ليست تفصيلاً تقنياً، بل خط أحمر، والإعلام العمومي مطالب بأن يكون في مقدمة المدافعين عنها، لا أن يتعثر فيها تحت أضواء الاستوديو.


