حسن بوطبسيل..طال غيابك أ غزالي

قبل سنوات، غنّى الراحل الشاب حسني “طال غيابك أ غزالي” وهو لا يعرف أن الجملة ستتحول يوماً إلى عنوان ساخر لواقع مؤسسة عمومية يديرها مسؤول اختار الغياب بدل المواجهة. لا أحد داخل القناة الرياضية اليوم يعرف بدقة موعد دخول حسن بوطبسيل إلى مكتبه ولا تاريخ خروجه منه.
الغياب أصبح خبراً في حد ذاته، وحديثاً يومياً بين العاملين، وسبباً أساسياً في انفجار الأسئلة حول مستقبل القناة التي تحمل اسم الرياضة دون أن تنجح في حماية صورتها الرياضية.
وفق مصدر من داخل القناة لـ Zone24، فقد تحول الغياب الطويل لمدير القناة من مجرد “استراحة مؤقتة” إلى وضع إداري مستمر، حيث تتم إدارة التفاصيل التحريرية والتنظيمية عن طريق تفويض معلن لمدير التحرير عبد الهادي رازقو، في ظل صمت رسمي من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.
المصدر ذاته يؤكد أن ما يجري ليس فقط “غياباً جسدياً”، بل غيابٌ كامل عن المسؤولية في وقت تحتاج فيه القناة إلى إصلاحات عاجلة، خصوصاً بعد سلسلة سقطات كانت كفيلة بإعفاء مدير في أي مؤسسة تحترم نفسها.
في غضون أيام قليلة، وجد المشاهد المغربي نفسه أمام خريطة مبتورة للمغرب في بث مباشر، ثم إعلان لشركة مراهنات يتعارض مع أخلاق الرياضة، وقبلها حرمان الجمهور من متابعة 20 دقيقة من مباراة الوداد البيضاوي وحسنية أكادير، إضافة إلى أعطال تقنية متكررة في النقل، جعلت من القناة مادة للسخرية أكثر من كونها منصة وطنية تمتلك حقوق النقل وصورة بلد مرشح لتنظيم كأس العالم 2030.
كل هذه الفضائح كانت كافية لفتح نقاش داخلي صاخب. تقول مصادر Zone24 إن العلاقة بين حسن بوطبسيل والرئيس المدير العام للشركة الوطنية، فيصل العرايشي، وصلت إلى منطقة رمادية تتراوح بين الصمت المؤسسي، ومحاولات تجنب المواجهة المباشرة، في انتظار وصول الاستحقاقات القارية القادمة، وعلى رأسها كأس الأمم الإفريقية. الغياب الطويل يُقرأ داخلياً أيضاً كرسالة صامتة: “إما أن ينتهي الوضع من تلقاء نفسه، أو يُتخذ قرار قاطع بعد هذه المنافسات”.
وسط كل هذا، يصر بعض المقربين على أن بوطبسيل “لم يُعفَ” رسمياً وأن كل ما يُتداول يبقى مجرد تسريبات ونقاشات بين العاملين، لكن الحقيقة الظاهرة أن المدير الغائب لا يمكن أن يدير قناة في زمن الأزمات. والمؤسف أن الصورة التي تُنقل إلى الخارج هي أن مؤسسات عمومية حساسة يمكن أن تُدار عبر “الواتساب” أو التفويض غير المكتوب.
غياب بوطبسيل ليس مشكلة شخصية، بل مشكلة مؤسساتية. القناة الرياضية اليوم تعيش أزمة ثقة: مع المشاهد، ومع شركائها، ومع مستقبلها في ظل صراع “بارد” بين الإدارة والقيادة. وفي الوقت الذي تعمل فيه وزارات ومؤسسات على بناء صورة المغرب الرياضي قبل 2030، تتعثر القناة الوطنية التي يفترض أن تكون واجهته الأولى.
“طال غيابك أ غزالي” ليست هنا مجرد اقتباس من أغنية راي خالدة، بل توصيف دقيق لوضع أصبح فيه الغياب هو الحاضر الوحيد. كل المؤشرات تقول إن قراراً سياسياً وإدارياً حاسماً ينتظر لحظة مناسبة، لكن السؤال الحقيقي ليس متى يعود بوطبسيل؟ بل هل يجب أن يعود أصلاً بعد هذا الغياب؟
في الوقت الذي تستعد فيه القارة لتسليط الضوء على المغرب، ما الذي ستقدمه قناة مديرها غائب؟ ومن سيضمن ألا تختفي الصورة مرة أخرى في الدقيقة العشرين؟
الأكيد أن الجمهور حافظ الأغنية، لكن القناة لا تحتمل تكرارها.


