رياضة

حسبان..خيار الرجاء

في لحظة دقيقة من تاريخ الرجاء الرياضي، تعود إلى الواجهة أسماء صنعت بعضاً من أمجاد النادي، وأخرى تسللت إلى مكاتبه في ظروف ملتبسة. ومن بين هذه الأسماء، يبرز اسم سعيد حسبان، الذي رغم الانتقادات التي لاحقته في سنوات مضت، لم تنجح في طمس حقيقة يعرفها كل من عايش المرحلة عن قرب: الرجل أسس لترسانة بشرية قوية وضعت الرجاء على طريق البطولات، حتى بعد مغادرته المكتب المسير.

سعيد حسبان لم يهبط على الرجاء من فراغ. الرجل كان منخرطاً غيوراً على النادي منذ سنوات، يتابع شؤونه، ويحضر جمعياته العامة، ويواكب أوضاعه عن كثب. وعندما أسندت له رئاسة المكتب المديري، جاء بخطة واضحة: ترشيد النفقات، بناء فريق تنافسي شاب، وخلق استقرار مالي يغني النادي عن أزمات الديون والخصاص. لم يكن طريقه مفروشاً بالورود، فقد واجه ضغوطاً جماهيرية وإعلامية وسياسية، ومع ذلك استطاع أن يشكل جيلاً من اللاعبين الشبان الذين فازوا بكأس العرش سنة 2017، في واحدة من أهم اللحظات الرياضية للرجاء في العقد الأخير.

لكن الأهم من ذلك أن هذا الجيل، الذي رعى حسبان موهبته، واحتضن صعوده، هو نفسه الذي عاد بعد رحيله ليمنح الرجاء لقب كأس الكونفدرالية الإفريقية سنة 2018 مع الإطار الوطني امحمد فاخر ثم الإسباني خوان كارلوس غاريدو. ما زرعه حسبان أثمر في عهد غيره، لكن لا أحد يمكنه إنكار من غرس البذور الأولى.

غير أن بعض الأصوات المحسوبة على “الرجاء”، تحاول اليوم شيطنة الرجل، ووصمه بالفشل أو بسوء التدبير، وهي حملة يرى كثير من المنخرطين والمحبين أنها غير منصفة، بل ومغرضة، لأن حسبان، في العمق، رجل أعمال ناجح، مستقل مادياً، يملك تجربة إدارية وشبكة علاقات واسعة، وكلها عوامل يحتاجها الرجاء في هذه المرحلة العصيبة، حيث يتعرض النادي، حسب ما يتم تداوله، لمحاولات “سطو” مريبة على هويته وتاريخه، من طرف أطراف لم يعرف عنها أي ارتباط بالمكتب ولا بالتسيير ولا بالانخراط.

في كواليس الجمع العام وفي لقاءات المنخرطين، يتردد اسم سعيد حسبان كـ”الخيار الأنسب” لإخراج الرجاء من أزمته الحالية. فالرجل ليس بحاجة للنادي لتحقيق الشهرة أو المال، بل يأتي من باب الغيرة والوفاء، عكس بعض الطامعين الذين يرون في الرجاء مطية لمصالح خاصة أو مشاريع تجارية.

الرؤية التي طرحها حسبان خلال ولايته، والتي سخر لها علاقاته في المجال الاقتصادي والمالي، تعود اليوم لتفرض نفسها بقوة: ضرورة ترشيد المصاريف، تطهير الديون، تكوين جيل شاب من اللاعبين، مع استعادة هيبة النادي كمؤسسة قوية ومستقلة القرار، لا تتحكم فيها أيادي خفية ولا مصالح ضيقة.

وفي ظل هذه المعطيات، ومع تراجع الثقة في الكثير من الوجوه التي أفرزتها ظروف مشبوهة، يظهر سعيد حسبان خياراً معقولاً، منطقياً، وقادراً على ضمان الحد الأدنى من الاستقرار المطلوب في بيت الرجاء. خيار قد لا يعجب من اعتادوا العبث والارتزاق باسم النادي، لكنه يرضي جمهورا عريضاً يطالب بإعادة الأمور إلى نصابها، وتحرير الرجاء من قيود الأزمة والتسيير المرتجل.

الرجاء اليوم في حاجة إلى رجل بمواصفات حسبان: صرامة، استقلالية، بعد نظر، وغيرة صادقة. وقد يكون هذا ما يفسر سر عودته إلى دائرة الضوء، في وقت تتكاثر فيه الأسئلة حول مستقبل الفريق، وتقل فيه الإجابات الصادقة.