افتتاحية

نظام “الفراقشية”

مفهوم “الفراقشية” هو الأكثر تداولًا في رمضان، سواء في الأعمال الدرامية أو في أخبار التحقيقات الأمنية التي تكشف عن عصابات تستغل الدعم المخصص للأغنام والأبقار لتحقيق أرباح غير مشروعة.

هذا المفهوم، الذي يرتبط بالخيانة والسرقة، يمكن إسقاطه بسهولة على النظام الجزائري، الذي لم يدخر جهدًا في عدائه للمغرب، متجردًا من كل القيم الأخوية والتاريخ المشترك الذي يجمع الشعبين.

في خطوة تصعيدية جديدة، قررت الجزائر طرد نائب القنصل المغربي، في مشهد يكرس سلسلة من التصرفات العدائية التي دأب النظام الجزائري على تبنيها ضد المملكة المغربية.

لم تكن هذه الخطوة مفاجئة لمن تابع نهج “الفراقشية” الذي يمارسه هذا النظام منذ عقود، حيث سعى بكل الوسائل إلى زرع الفتنة وعرقلة كل محاولات التقارب بين البلدين.

العودة إلى كرونولوجيا الأحداث تكشف بوضوح عن نوايا هذا النظام، الذي لم يتوقف عن الإساءة إلى المغرب، سواء عبر احتضانه ودعمه للكيانات الانفصالية، أو من خلال حملات دعائية مغرضة تسعى إلى تشويه صورة المملكة في المحافل الدولية. بل حتى عندما ضرب زلزال الحوز المغرب، لم يتوانَ النظام الجزائري عن استغلال المأساة لأغراض دعائية بائسة، في وقت كان العالم بأسره يساند المملكة في محنتها.

لكن المفارقة الكبرى أن الجزائر التي تتنكر اليوم لكل مبادئ حسن الجوار، هي نفسها التي كانت في أمس الحاجة إلى المغرب خلال فترة الاستعمار الفرنسي. لقد كان المغرب، قيادة وشعبًا، حاضنًا للمقاومين الجزائريين، وقدم دعمه اللامشروط لنيل الجزائر استقلالها، دون أن ينتظر جزاءً أو شكورًا. إلا أن نظام “الفراقشية” في الجزائر سرعان ما تنكر لهذه التضحيات، متبنّيًا سياسة العداء والاستفزاز.

المغرب، الذي ينهج سياسة الحكمة وضبط النفس، يعي جيدًا أن هذه التحركات لن تغير شيئًا من مساره التنموي أو من مكانته الإقليمية والدولية، لكنه في الوقت ذاته لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الممارسات الطائشة. لقد أظهر التاريخ أن المملكة كانت دائمًا قادرة على مواجهة المؤامرات، وأن النظام الجزائري، مهما تمادى في ممارساته العدائية، لن يكون سوى مجرد رقم هامشي في معادلة الاستقرار والتقدم التي يرسمها المغرب بثبات وثقة.

نظام “الفراقشية” في الجزائر قد ينجح مؤقتًا في افتعال الأزمات، لكنه في نهاية المطاف لن يحصد سوى العزلة والفشل، لأن الشعوب تدرك جيدًا من يعمل من أجل البناء ومن يراهن على الهدم. والتاريخ لن يرحم الخونة.