“فرعونٌ” بالمديرية الإقليمية لوزارة الفلاحة بسطات

في مشهد يختزل العقلية المتعجرفة التي لا تزال تهيمن على بعض الإدارات العمومية، وجد عدد من الفلاحين البسطاء أنفسهم في مواجهة مسؤول بالمديرية الإقليمية لوزارة الفلاحة بسطات، حيث تحول طلبهم المشروع للاستفادة من الدعم إلى معاناة مليئة بالتعالي والتسلط. هؤلاء الفلاحون، الذين تكبدوا عناء السفر من مختلف الجماعات القروية، لم يكونوا يتوقعون أن يتحول مكتب المسؤول إلى حصن من الغطرسة، يوزع فيه قراراته بعقلية السيد الإقطاعي الذي يرى في طالبي الحقوق مجرد رعايا ينتظرون منّه وكرمه.
بأسلوب فظ، يخلو من أي اعتبار لمتطلبات التواصل الإداري المهني، واجههم المسؤول بنبرة آمرة، وتعابير ساخرة تعكس احتقاراً واضحاً لمعاناتهم وظروفهم القاسية. وكأن الأمر لا يتعلق بحقوقهم المشروعة في الاستفادة من الدعم الذي وُضع أصلاً لمساعدتهم، بل بمكرمة منه يتفضل بها متى شاء، ويحجبها متى أراد. ولم يكن يكفي هؤلاء الفلاحين تحمل قسوة الطبيعة وتقلبات السوق، حتى يجدوا أنفسهم أمام مسؤول يتعامل بمنطق الفرعنة، بعيداً كل البعد عن مبادئ الحكامة الجيدة وروح الخدمة العمومية.
هذه التصرفات لا تسيء فقط إلى الفلاحين الذين يعدّون أساس الأمن الغذائي للبلاد، بل تضرب أيضاً في الصميم جهود إصلاح الإدارة وتحديثها، وتجعل من الخطابات الرسمية حول تقريب الإدارة من المواطن مجرد شعارات جوفاء. فبدلاً من أن يكون المكتب الإداري فضاءً لاستقبال المواطنين وحل مشاكلهم، يتحول إلى مسرح لاستعراض العضلات البيروقراطية، حيث يتحكم المزاج الشخصي في مصير ملفات الدعم وكأنها ملكية خاصة.
إن هذا النموذج من التسيير المتعالي لا يمكن أن يستمر في ظل توجه الدولة نحو تكريس الشفافية والنزاهة، ولا بد من تذكير أمثال هذا المسؤول بأن الإدارة ليست امتيازاً شخصياً، بل هي خدمة عمومية تقوم على المهنية والإنصاف. المطلوب اليوم هو محاسبة كل من يسيء إلى صورة المؤسسات ويعرقل مصالح المواطنين، ووضع آليات رقابية تضمن تعامل الإدارات مع الفلاحين وغيرهم من المرتفقين بالاحترام الواجب والشفافية المطلوبة. فالدعم الفلاحي ليس منّة، والكرامة ليست قابلة للمساومة.