محامي يقاضي “ميدي1 تيفي” بسبب عبد اللطيف وهبي
عن الأنباء بوسط: حسن المولوع
في خطوة تصعيدية وجريئة، تقدم المحامي فيصل أومرزوك، من هيئة الرباط، بشكايتين رسميتين إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، حيث تتوفر “الأنباء بوست” على نسختين من الشكايتين. وجاءت هذه الخطوة بعد ظهور وزير العدل عبد اللطيف وهبي في برنامج “خاص” على قناة “ميدي 1 تي في”، وتطرقه إلى قضية لا تزال معروضة أمام المحكمة ولم يُفصل فيها القضاء بعد.
تعتبر هذه الواقعة صفعة على وجه المبادئ الدستورية في بلد يفتخر بدستوره لعام 2011، الذي يكفل استقلالية القضاء وحرية الإعلام، وكأنها اختبار لمدى صلابة مؤسسات الرقابة على الإعلام العمومي واحترام استقلالية القضاء. فما حدث ليس مجرد استضافة روتينية لمسؤول حكومي، بل تدخل صارخ يثير الشكوك حول مصداقية الإعلام العمومي، ويطرح أسئلة حارقة عن استغلاله كأداة للتأثير على الرأي العام ومجريات العدالة.
تتمحور الشكايتان حول استضافة وزير العدل لمناقشة قضية لا تزال قيد النظر أمام القضاء، وهي قضية تخص الصحافي حميد المهدوي، الذي يجد نفسه في موقف أضعف أمام وزير العدل نفسه. حيث وصف المحامي أومرزوك هذا النقاش في قناة عمومية بأنه خرق سافر لمبدأ الحياد الإعلامي وتدخل فاضح يهدف إلى التأثير على الرأي العام، وربما حتى على القضاء نفسه. فوسائل الإعلام العمومية، التي من المفترض أن تبقى بعيدة عن النزاعات الشخصية، تحولت هنا إلى سلاح بيد مسؤولين يسعون إلى توجيه مسار العدالة لخدمة مصالح خاصة.
وأشار أومرزوك في شكاياته بوضوح إلى دستور المغرب لعام 2011 كمرجعية قانونية تضمن استقلال القضاء وتحمي الإعلام من التلاعبات السياسية والشخصية. واعتبر هذا الاستغلال الإعلامي الوقح للمؤسسات العمومية استخفافًا خطيرًا بهذه المبادئ الدستورية الأساسية. لذا، طالب الجهات المسؤولة باتخاذ إجراءات حازمة لحماية الصحافيين من استغلال السلطة الإعلامية العمومية للتأثير على مسار العدالة.
وندد أومرزوك بشدة بحلقة برنامج “خاص” المثيرة للجدل، معتبرًا أن استضافة شخصية رسمية لمناقشة قضية جارية يتجاوز كل الأعراف المهنية المقبولة. فإذا كانت القنوات العمومية مخصصة لخدمة المصلحة العامة، فيجب أن تلتزم بالحيادية والموضوعية، وألا تنجر إلى مستنقع الصراعات الشخصية أو تصفية الحسابات.
وطالب أومرزوك بفتح تحقيق عاجل وشامل لضمان عدم انحراف الإعلام العمومي عن مبادئه الحيادية، ومنع أي مسؤول حكومي من استخدام هذه المنابر كوسيلة لتحقيق مصالح شخصية أو التأثير على القرارات القضائية. فهذه المسألة ليست فقط عن حرية الإعلام، بل تتعلق جوهريًا باحترام الحكومة لمبدأ استقلالية القضاء وتجنب التأثير على مساره عبر وسائل الإعلام.
إن الشكاية التي تقدم بها المحامي أومرزوك ليست مجرد خطوة جريئة، بل هي جرس إنذار يدق بوجه كل من يعتقد أن بإمكانه استغلال الإعلام العمومي وتوجيهه لخدمة أجندات شخصية. وإذا لم يُوقف هذا النزيف فورًا، فقد نجد أنفسنا أمام مشهد مأساوي، حيث يصبح الإعلام العمومي أداة طيّعة تُستغل لتصفية الحسابات وتوجيه مسار العدالة حسب أهواء خاصة.
إن استخدام الإعلام العمومي لخدمة مصالح ضيقة يعني التخلي عن قيم العدالة والنزاهة التي يجب أن تحكم مؤسسات الدولة. وفي هذه الأجواء القاتمة، يبقى السؤال الملح: هل سنشهد تحقيقًا يعيد للإعلام والقضاء مكانتهما وهيبتهما؟ أم أن المصالح الخاصة ستواصل التلاعب، متجاوزة الدستور وكل مبادئ الشفافية والعدالة؟