الأحزاب السياسية والأزمة الأخلاقية
ما صدر عن المجلس الأعلى للحسابات بخصوص التدبير المالي لبعض الأحزاب ما هو إلا نقطة من فيضِ فسادٍ مستشري في دواليب بعض الهيئات السياسية.
فملايين الدراهم التي خصصتها بعض الأحزاب من المال العام لإنشاء شركات للأبناء و الأصهار و الأصدقاء و المنتسبين، تحت يافطة مكاتب دراسات، هي في الواقع جريمة تضارب المصالح و قبل كل شيء سقطة أخلاقية لا تغتفر. و ليست هذه المرة الأولى التي تُكتشف فيها لعبة “عطيني نعطيك” داخل المكاتب السياسية التي تُعطي الأولوية لمصالح شخصية ضيقة على حساب المصلحة العامة. و بعيداً عن الدراسات الوهمية التي سقطت في اختبارها أحزاب يُفتَرض أنها كبيرة، ذكرتنا هذه الواقعة في الفساد الأكبر الذي يمارس في الفترات الإنتخابية حيث تُباع التزكيات بمئات الملايين و في بعض الحالات بمليار مما يجعلنا “نفهم” لماذا يخوض البعض حروب داحس و غبراء من أجل منصب الأمين العام! فلا غروَ إذن أن نجد تجار الريع و المخدرات و الفساد في قبة البرلمان يفتون في مصير الشعب و منهم من له الجرأة ليطالب بمنصب وزير يجلس من خلاله بقرب الملك في المجالس الوزارية!
و كأن هذه السقطات “القيمية” لم تكفِ، فوجئنا بأخبار عرت واقعاً آخراً له علاقة بالإتجار بالبشر من طرف حزبيين نافذين جعلوا من المرأة مطية لنزواتهم المَرَضية مقابل الترقية الحزبية و المناصب السياسية! و لاشك أن المجاهد علال الفاسي يتقلب في قبره هذه الأيام و هو يرى ما آل إليه حزب الإستقلال، و هو السيءذاته يحصل مع المناضل المرحوم عبد الرحيم بوعبيد الذي حارب طول عمره الريع و الزبونية و هاهو حزبه، للأسف، يُختَرَق من قِبَل هذه الآفة.
و إنْ كنت من أشد المدافعين عن الأحزاب السياسية لأنها عِماد الديموقراطية و مدافعاً عن حقها في أن تلعب أدوارها كاملة في الحياة السياسية، فلا يمكنني إلا أن أندد لما صارت عليه بعضها متمنياً أن تكون للقانون و العدالة و سلطة الوصاية كلمة الفصل لإعاد الأمور إلى نِصابها، و ليتحمل كلٌ مسؤوليته.