المغرب-اسبانيا..نموذج للتعاون جنوب-شمال
عندما تبين لنظام الجزائر أن زيارة وزير الخارجية الإسباني ان تحمل أي تغيير في موقف مدريد من قضية الصحراء، بادر إلى الدفع بإلغاء الزيارة. ثلاثة أيام بعد ذلك وصل رئيس حكومة اسبانيا للرباط مصحوباً بوزيره في الخارجية في زيارة تم فيها استقباله من طرف الملك محمد السادس.
و خلال هذه الزيارة التي امتدت يومين كرر بيدرو سانشيز ثلاث مرات تباث اسبانيا على موقفها الداعم لمقترح الحكم الذاتي. أكثر من ذلك جاء بخطة شراكة ثنائية اقتصادية غير مسبوقة ببعدين اقتصادي و جيوسياسي. أولاً، دعم مشروع أنبوب الغاز نيجيريا المغرب بما قد يحمله من نموذج جديد للتعاون جنوب-شمال قد يقلب معادلات الأسواق الحالية. ثانياً، استثمار 45 مليار يورو في ال 25 سنة القادمة.
هذا يعني أن الشراكة المغربية الإسبانية تتعدى مواقف حكومات أو أجندات انتخابية بل يتعلق الأمر بالتزامات الدولتين على المدى البعيد يمنح رؤية في أفق العام 2050 مروراً بمحطة مونديال 2030 و هذا أمر جد هام.
و بالفعل، فالمملكة الأسبانية أدركت أن تمطيط قضية الصحراء يضر كل الأطراف المعنية و محيطها أي اسبانيا نفسها لذلك ارتفعت عدة أصوات في الجارة الشمالية لتقول “كفى، علينا أن نبني المستقبل و تجاوز كل ما يمكن إعاقة تنمية المنطقة”. و هنا لابد من التذكير أن العديد من المستثمرين الإسبان غيروا وجهتهم اتجاه المغرب بعد أن ألغت الجزائر كل الإتفاقيات التجارية مع اسبانيا الأمر الذي أغضب رجال الأعمال في اسبانيا، و لعل أوراش كأس العالم ستكون فرصة لدعم العلاقات الثنائية لتجسيد رغبة البلدين في البِناء المشترك.
المغرب مُصِر على ربط كل علاقاته بالموقف من قضية الصحراء و يؤكد ذلك في كل علاقاته، و لعل الجميع لاحظ التحرك الأخير في العلاقات المغربية الفرنسية الذي بدأ بديبلوماسية سيدات البلاطات و سينتقل بعد أيام للديبلوماسية المباشرة. وهذا هو الملف الشائك الذي قد يخلق زلزالاً ديبلوماسياً في الأيام المقبلة.