بلا قيود

الوزير الذي..!

أعرف أن المناصب تغير ذوي النفوس الضعيفة و لكن لا أخفي أني صُدمت في بعض الأشخاص منهم وزراء اليوم. كان بعضهم يتودد لي عندما كان نكرة لأنه كان بحاجة لوسائل الإعلام إما لتخرجه للعلن عله يجلب أنظار المسؤولين، و إنما لتخرجه من عزلة فرضها عليه حزبه أو الهيئة التي كان يشتغل بها فيما آخرون كان مناهم أن يبلغوا يوماً ما منصب الوزير و كانوا يجهرون بذلك لي عدة مرات معللين ذلك بأن كفاءتهم تفوق بكثير كفاءات وزراء كانوا آنذاك في مهامهم. البعض الآخر كان أقصى طموحه بلوغ منصب  مدير ديوان وزير في يوم من الأيام أو برلماني في إحدى الغرفتين.
طموح كل أولئك مشروع و طبيعة البشر أن يثوق لتحسين مساره المهني أو السياسي، لكن البعد الإنساني أهم ما يجب أن يهيمن على شخصية الإنسان و كلما ابتعد عن هذا البعد إلا و كان سقوطه أليماً.  لأن المرء مهما بلغ من مناصب سيأتي يوم ليغادرها لفائدة غيره فهذه سنة الحياة، أولا يقول المثل “لو دامت لغيرك لما بلغتك”؟ و لعمري لابد لكل مسؤول أن يضع هذه المقولة في جدران مكتبه ليتذكرها كل يوم.
و هاهم اليوم بلغوا أعلى المناصب، و هاهم صاروا لا يجيبون على الهاتف و يتعاملون مع الناس بتعالٍ كبير. منهم من فقد تواضعه الذي تأكد اليوم أنه كان مصطنعاً و بعضهم يعتقد أنه وحده “يضوي لبلاد”. في الملتقى الدولي لحوارات الأطلسي التقيت برجل كان في يوم من الأيام يحرك المغرب السياسي كما يشاء، و لما سألته حول علاقته بوزراء حاليين كان هو من أخرجهم للوجود السياسي،  فاجأني بأنهم تنكروا له و صاروا يتجنبوه و كأن به جرب. و أضاف أنه التقى بشخصيات فكرية وازنة بالمغرب اشتكوا له أن وزيراً شاباً محسوب عليه لا يجيب على مكالماتهم و رسائلهم النصية. و أضاف قائلاً “أني طمأنتهم أنهم ليسوا الوحيدون و أنه نفسه مثلهم في تجاهل و تكبر الوزير”!
في نفس الملتقى الدولي التقيت مع مسؤولين سابقين و قامات  من مختلف المشارب، كثيرون منهم حافظوا على علاقات جيدة مع الجميع لأنهم ما غيروا طباعهم يوماً سواء عندما كانوا في المسؤولية أو قبل أو بعد ذلك. لذلك كانوا محط ترحاب الجميع في هذا المحفل الدولي، مما يعني أن ليس الجميع في قفة واحدة لحسن الحظ.  فبقدر ما يحتضن الناس هذه الطينة من المسؤولين السابقين بقدر ما سيلفظون في موعد لعله قريب إن شاء الله بعض ممن يحملون حقائب حالية ظانين أنها أبدية.