بلا قيود

لاصحة بدون تخليق وحكامة

ماوقع في المستشفى الإقليمي لمدينة تازة هو صورة مصغرة عما يقع في العديد من نقط الإستشفاء بالمغرب من فساد مستشري. لكن الطريقة التي تصرف بها المدير الإقليمي ومعه عشرة معاونين، و استسهال سرقة معدات كثيرة و تحويلها لمصحة خاصة، تدل على غياب شبه كلي للمراقبة.

فالمفتشية العامة لقطاع الصحة تعاني منذ مدة من غياب النجاعة حتى لا نقول استخفاف بالمسؤولية و هي تحت المسؤولية المباشرة للوزير، ما يشير أن ماخفي أعظم و أن تدني الخدمات الصحية بشكل كبير راجع إلى هذا الفساد الذي ينخر قطاع الصحة رغم أن الدولة رفعت عدة مرات في السنوات الأخيرة ميزانية وزارة الصحة.

لكن و كما في قطاعات أخرى المشكل الحقيقي لا يكمن في حجم الإمكانيات المرصودة لكن في غياب الحكامة الجيدة و فساد المنظومة. الآن نفهم لماذا يشتكي الأطباء انعدام التجهيزات الطبية و خاصة في العالم القروي البعيد عن ما تبقى من أعين المراقبة. الآن نعرف كيف تستنزف ميزانيات القطاعات العمومية. الآن انفضح النزر القليل من سرقات المال العام بهذا القطاع.

حكى لي طبيب شاب كان طبيباً داخلياً بأكبر مجمع صحي عمومي في الدارالبيضاء كيف يقضي ديمومته بقسم المستعجلات، في ظروف جد صعبة، حيث يعالج عشرات الحالات و يواجه تهديدات جسدية من مصابين في وضع غير طبيعي و يعاني من قلة الإمكانيات من قلة الموارد البشرية و التجهيزات، ولا يتوفر على سرير يستريح فيه ولو نصف ساعة و في الأخير يتلقى تعويضاً لا يصل لمائة درهم عن ديمومة 24 ساعة متواصلة!

القطاع الصحي الذي يعتبر عماد الدولة الإجتماعية لايمكن أن يبلغ النجاعة التي أوصى بها النموذج التنموي الجديد بعقليات عشش بها الفساد و تتلاعب بحياة المواطنين من أجل مكسب غير مشروع. فلا يمكن أن نقوم بتنزيل إصلاح القطاع بمسؤولين هم أساس الداء، و النموذج الصغير هو ما وقع في المستشفى الإقليمي بتازة. تصوروا أن المدير الموقوف على خلفية الإختلاسات المذكورة كان يُنتظَر منه أن ينفذ خطط الإصلاح و خارطة طريق تعميم التغطية الصحية بنجاعة! الصورة واضحة و الهدف معروف و بلوغه ممكن و لا مشكل في الإمكانات، فقط المغرب بحاجة لرجالات تغير عليه.