“بريد المغرب”..ملايين الدراهم مقابل تواصل فاشل
أفرزت وثيقة رسمية صادرة عن البريد المغربي (Barid Al-Maghrib S.A.) اطلعت عليها “زون24″ معطيات جديدة بخصوص صفقات مرتبطة بمجال التواصل الرقمي المؤسسي، حيث همت جلسة فتح العروض رقم 29/2025 المتعلقة بتنفيذ أعمال التواصل الرقمي المؤسسي والتواصل المرتبط بأنشطة المؤسسة.
وتكشف تفاصيل المحضر أن المنافسة اقتصرت على خمس شركات قدمت ملفاتها عبر المنصة الإلكترونية، وهي CARROT، EQUITY CONSEIL، BUINCO، N’COMMUNICATION GROUP، وVOOM DIGITAL، بينما لم يتم تسجيل أي مشاركة عبر الإيداع الفيزيائي. وأسفر فحص الملفات الإدارية والفنية عن إقصاء BUINCO، في حين تم استبعاد CARROT وVOOM DIGITAL خلال مرحلة تقييم العروض الفنية، فيما استمرت المنافسة بين EQUITY CONSEIL وN’COMMUNICATION GROUP بعد قبول عروضهما المالية.
وبالعودة إلى المبالغ المالية، فقد التزمت شركة EQUITY CONSEIL بمبلغ 3,960,000.00 درهم دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة سنوياً، وهو نفس المبلغ الذي حافظت عليه بعد التحقق من الملف، بينما بلغ عرض N’COMMUNICATION GROUP ما مجموعه 4,058,000.00 درهم سنوياً دون تغيير كذلك
وبعد استكمال كافة مراحل التقييم، خلصت اللجنة بتاريخ 11 غشت 2025 إلى منح الصفقة لشركة EQUITY CONSEIL باعتبارها صاحبة العرض الأكثر فائدة، وهو ما جرى تثبيته بالتوقيع الإلكتروني لرئيس اللجنة يوم 12 غشت 2025.
غير أن هذه الأرقام الضخمة التي تصل إلى ما يقارب أربعة ملايين درهم سنوياً من المال العام تثير العديد من علامات الاستفهام حول جدوى هذه النفقات، خصوصاً في ظل واقع التواصل المؤسساتي للبريد المغربي الذي يوصف بكونه ضعيفاً ولا يرقى إلى صورة مؤسسة عمومية وطنية قوية.
فالمواطن العادي والمتعاملون مع المؤسسة لا يلمسون أثراً واضحاً لهذا النوع من العقود الباهظة، إذ ما تزال قنوات التواصل تعاني من البطء، وضعف التفاعل، وغياب الاستراتيجيات المبتكرة التي تتناسب مع مكانة مؤسسة ذات إشعاع وطني.
ويرى متتبعون لـ”زون24” إن هذه الصفقة، بما حملته من تفاصيل دقيقة حول العروض المالية وأسماء الشركات المتنافسة، تسلط الضوء مرة أخرى على معضلة عميقة تتمثل في صرف الملايين على خدمات يفترض أن تعزز الحضور الرقمي والمؤسساتي للبريد المغربي، في وقت يظل فيه التواصل بعيداً عن المعايير الحديثة للمؤسسات العمومية الكبرى، وهو ما يجعل من الضروري مساءلة التدبير المالي والاستراتيجي لمثل هذه العقود، ومدى مردوديتها على صورة المؤسسة وثقة المواطنين فيها.
