افتتاحية

قميص يهزم نظاماً

توقفت الكرة الأرضية عن الدوران في الجزائر، لأن طائرة فريق نهضة بركان لكرة القدم حطت بمطار الهواري بومدين، بأقمصة بيضاء وأخرى برتقالية تحضيراً للعب مبارة أمام إتحاد العاصمة ضمن منافسات الدور النصف نهائي لكأس الكونفدرالية الإفريقية (دوري ينظم تحت يافطة الإتحاد الإفريقي لكرة القدم C.A.F).

يا للغرابة نظام سياسي عسكري يهزمه مجرد قميص يحمل خارطة المغرب من طنجة إلى الكويرة، حيث يقول مسؤول جزائري في مقطع من مقاطع الفيديو المتداولة “الجزائر دولة لها سيادة” ومن قال أن هذه الدولة لا سيادة لها، فهي بالعل يسود فيها الظلم والغباء والعبودية والإنحطاط وكل المفاهيم السلبية والدنيئة التي تخطر على بالك، وكل الصورة التي يرسمها عقلك الآن وأنت تقرأ هذه الأسطر.

في 24 ساعة فقط حضر كل شيء وغابت الروح الرياضية التي على أساسها سافر “أسياد الشرق” إلى مطار الهواري بومدين، في السياسة أعاد نظام العسكر النقاش السياسي إلى الواجهة بخياطة أقمصة لا تظهر عليها خارطة المملكة المغربية، وفي الإقتصاد إستفاد “الدحميس” من إشهار عالمي ظهر على كبريات القنوات الرياضية والإخبارية العالمية، في إنتظار مقرر قضائي ينصف شركة الألبسة الرياضية المتعاقدة مع الفريق المغربي.

كما قرأنا في التاريخ المغاربي والعربي لا خير في أمة يحكمها العسكر فالجزائر كما مصر وليبيا دول بمؤهلات طاقية وطبيعية هائلة، تقابلها شعوب هشة وفقر مدقع وحالات إنسانية تغرق يومياً في محاولات الهجرة للبحث عن حياة في دول هي زبونة عند مواطن هؤلاء.

وحتى لا أقارن ما لا يقارن، بحيث لا يمكن أن نضع في ميزان النظام الحاكم في المغرب مع النظام العسكري المتحكم في الجزائري، وبما أن للأمر علاقة بالرياضة رغم أن “الفاف” لم تترك صورة رياضية في الموضوع، فيجوز المقارنة بين الفاهمين في المجال على الأقل في قناة “بين سبورت” القطرية، يكتب البوق حفيظ الدراجي تدوينات تلو الأخرى يتغزل فيها بنظام بلده فيتكلم في الموضوع محمد أمين السبتي وهو أحد الوجوه المعروفة عربياً في مجال التقديم التلفزيوني بتدوينة واحدة كتب: “ان يدخل فريق نهضة بركان ملعبا ويخرج منه سالما فهذا ليس انجازا، الامر عادي وطبيعي لفريق جاء ليلعب مباراة في كرة القدم، العقلية الاجرامية وحدها تجعل البعض يعتبره كرما ورقيا، و ذاكرة السمكة نسيت ما حدث لأشبال الأطلس قبل سنتين على مرأى ومسمع العالم، رغم ذلك اثبتت بعض الفيديوهات سبا وشتما وهذا بات ضمن العادي في ملاعبنا وأيضا على مواقع التواصل جراء جهل و قلة تربية البعض وغسيل الدماغ الذي يتعرض له البعض الآخر بمساعدة الأبواق المأجورة أو الخائفة من مصير محتوم، فريق نهضة بركان لا يحتاج تضامنا أو منشورات، لا يحتاج دفاعاً طالما انه لم يرتكب اي خطأ، مطلبه الوحيد و الشرعي هو اللعب بقميصه المصادق عليه والذي صال وجال به طوال الموسم في دول مختلفة دون أي اعتراض، أما الخريطة فهي في قلب كل مغربي ومعروفة حدودها عند كل شريف دارس للتاريخ المؤرخ و ليس المزور، فريق نهضة بركان له رجاله و مؤسسة أفريقية حمت حقوقه بمجرد عدم دخول الحكم إلى ساحة الملعب، اختم سطوري بجملة شعرية هادفة تعجبني كثيرا تقول ( من لم يبن في قومه ناصحاً لهم فما هو إلا خائن يتستر ) لذلك أقول إلى ابناء وبنات جلدتي لا تنساقوا إلى دعاوى الفتنة فقد اثبتت المواقف طينة أصحابها وتأثيرها على شعوب لا حول لها ولا قوة”، هنا تنتهي تدوينة السبتي.

من غرابة ما تناقلته وسائل الإعلام الدولية هو خياطة نظام الجزائري الغبي أقمصة للنادي المغربي ووضعها في مستودع الملابس في مسرحية مكشوفة، دون الحديث عن نوعيه الألبسة المتردية، فلا يمكن لنظام عاقل ولاتحادية كرة تفكر فقط يعقل وليس بعين العقل أن تقدم على هذه الخطوة، هي ليست مهزلة على المستوى المغاربي فقط بل إنها عابرة للحدود.

عندما تقرأ كتباً عن الملك الراحل الحسن الثاني، أو تشاهد وثائقياً ينتابك شعورً أن الرجل لا تزال روحه تدور بيننا، أو على الأقل انه توفيا حديثاً وليس قبل عقدين ونصف من الآن، وتعيد هذه القضية الحسن الثاني الى الواجهة عندما قال في أحد تصريحاته حول قضية الصحراء، “لم نكن ننتظر من كولومبو أن يثبت او ينفي مغربية الصحراء لأن هذا شيئ لا جدال فيه، لكن كنا ننتظر من كولومبو ان يُعرف الناس مع من حشرنا الله في الجوار.. كنا نريد ان يعرف الناس النوايا الحقيقية لمن هم يساكنوننا ويجاوروننا، ولله الحمد سبحانه وتعالى انكشف الغطاء وعٌرف كل واحد بقيمته الحقيقية وقيمته البشرية وقيمته السياسية، وهذا هو الربح الاول والمهم من مؤتمر كولومبو”.