الأمير مولاي الحسن

لا أصابنا مكروه في جلالة الملك محمد السادس لا في صحته ولا في نفسيته ولا في أسرته ولا في ذويه، ومدعاة للفخر أن يكون لنا ولي عهد من قيمة الأمير مولاي الحسن مستقبل المملكة المغربية، الاطمئنان.
ظهر الأمير في افتتاح كأس الأمم الإفريقية بوجه فرح ومبتسم لا يعبّر فقط عن فرحة تنظيم نسخة استثنائية من “الكان”، بل عن ملامح تقول الكثير عن مستقبل مشرق للمغرب، أمير متناغم مع شعبه، كما كان التناغم ولا يزال قوياً بين العرش والشعب.
ذلك الظهور لم يكن تفصيلاً بروتوكولياً عابراً، بل رسالة رمزية هادئة وعميقة الدلالة. رسالة تؤكد أن الدولة، في استمراريتها، تُحسن إعداد مستقبلها، وأن ولي العهد يتشكل في قلب اللحظة الوطنية، قريباً من نبض الناس، متفاعلاً مع أفراحهم، حاضراً في محطات الفخر الجماعي. ابتسامته الواثقة لم تكن مجاملة للكاميرات، بل تعبيراً صادقاً عن شخصية تتكوّن بثبات، وتتشرب معنى المسؤولية منذ وقت مبكر.
من حسنات الأمير مولاي الحسن أولاً ذلك التكوين المتين الذي يجمع بين الصرامة المعرفية والانفتاح الثقافي. فهو ولي عهد يتلقى تعليماً رفيعاً، متعدد اللغات، منفتحاً على العلوم الحديثة، ومتصالحاً مع روح العصر، دون أن يفقد البوصلة التاريخية والهوية الوطنية. هذا التوازن بين الأصالة والتحديث هو أحد أعمدة الاستمرارية في الدولة المغربية، وهو ما يبعث على الطمأنينة في نفوس المغاربة.
ومن حسناته أيضاً حضوره الهادئ، البعيد عن الاستعراض، القريب من جوهر المسؤولية. لا يبحث عن الأضواء، لكنها تأتيه حين يكون في قلب الحدث، وحين يمثل رمزاً لوحدة البلاد واستمراريتها. في ملامحه رصانة مبكرة، وفي سلوكه احترام للبروتوكول دون جمود، وفي تفاعله إشارات ذكية إلى فهم عميق لمعنى الدولة ومؤسساتها.
الأمير مولاي الحسن يُجسّد كذلك صورة جيل جديد من القيادة: قيادة تُنصت، تُلاحظ، وتتعلم قبل أن تحكم. جيل يعي أن المغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، وأن تحديات الغد تتطلب عقلاً منفتحاً، وقدرة على الإصغاء، وشجاعة في اتخاذ القرار، مع الحفاظ على الثوابت الجامعة للأمة. هذا الوعي يتبدّى في اختياراته، في لغته الجسدية، وفي حضوره المتوازن بين الرسمي والإنساني.
ولا يمكن إغفال البعد الرمزي لعلاقته بالشباب. فالأمير، بحكم سنه واهتماماته، أقرب إلى وجدان فئة واسعة من المغاربة، ويمثل لهم أملاً في مغرب أكثر عدلاً، أكثر ابتكاراً، وأكثر ثقة في قدراته. هو ولي عهد يتشكل في زمن التحولات الكبرى، زمن الرقمنة والاقتصاد الأخضر والرهانات الاجتماعية، ما يجعل من تكوينه ومساره عامل طمأنة إضافياً.
في النهاية، حين يبتسم ولي العهد في لحظة وطنية جامعة، فإن تلك الابتسامة لا تُقرأ فقط كفرح عابر، بل كعنوان لمرحلة، وكوعد ضمني بالاستمرارية، وبأن المغرب، كما اعتاد عبر تاريخه، يُحسن الانتقال بين الأجيال دون ارتباك. الأمير مولاي الحسن ليس فقط اسم المستقبل، بل ملامحه التي بدأت تتشكل بثقة، وهدوء، ومسؤولية.


