بلا قيود

ثورة العطش..الخطر الداهم

قلنا و أعدنا أن الماء هو رهان المستقبل و أن النزاعات الجيوسياسية القادمة ستؤدي لامحالة لحروب بسبب الماء.

و المغرب ليس بمنآى عن إشكالية الإجهاد المائي الذي استفحل في الأربع سنوات الأخيرة و كلما تقدمنا سيزداد الأمر سوءً حسب توقعات الأخصائيين. مشكل المغرب أن نزاعاته بسبب نذرة الماء ستكون داخلية بسبب التفاوتات المجالية بين مدن لم يستوعب بعد سكانها ضرورة الإستهلاك المائي بترشيد و بين عالم قروي يعاني شتى أنواع الندرة بل منهم من على شفى مخاطر العطش و الأنكى أنه بجوار بعض هاته القُرى استغلاليات/ضيعات فلاحية عصرية كبرى تُصدر منتوجاتها للخارج مقابل الملايير و تستهلك مُجمل مياه المنطقة بل تستخرج تلك المياه الجوفية النادرة بغاز البوطان المدعم !!

هذا الوضع يستلزم حلولاً جذرية بعيداً عن الحمامات و غسالات السيارات، فالفلاحة تستهلك حوالي 80% من مجموع استهلاك المياه بالمملكة فيما بعض الجهات بدأت تنتفض احتجاجاً على نذرة المياه كمنطقة فكيك حيث خرجت نسوة المنطقة موشحات بالبياض محتجات ضد العطش. ولاشك أن هاته المسيرات تمت تحت أعين السلطة التي تراقب نبضات الشارع، و تعرف جيداً أن الخطر الداهم هو ارتفاع وثيرة احتقان الطبقات الهشة المتضررة من وضعية الإجهاد المائي. لذلك يعتبر أحسن مخرج لهذا الوضع هو علاجه من الأساس و إيلاء الأولوية لمياه الشرب، و تقنين الإستعمال المائي للضيعات الفلاحية الكبرى بألزامها عدم تجاوز مقدار محدد من استعمال الفُرشة المائية.

أما الحلول المتوسطة و البعيد المدى لاشك هي الكف عن تشييد المزيد من السدود، مادامت السدود الموجودة لا تتجاوز حقينتها 23% بسبب الجفاف المتوالي، إذ يُعتبر ذلك استثماراً غير منتج بل تبذيراً للمال العام يُستحسن أن يُوَجه بشكل علمي لتحلية مياه البحر، دون الإضرار بالبيئة المحيطة به و خاصة الصيد التقليدي.

في المُحصلة، لابد من التعامل مع الإشكالية بمنطق الأولوية للعنصر البشري، أي تأمين مياه الشرب، و التعامل بالتساوي بين المجالات الحضرية و القروية .. فكل المواطنين سواسية في مغربيتهم.