بلا قيود

المغرب-الجزائر أمل مفقود أم موعود؟

يقترب الصراع المغربي-الجزائري من سنته الخمسين و عوض أن تكون السنون كفيلة بأن تخفِت و تنقص من حدته، اقترب كبريت الأزمة من برميل البارود أكثر من أي وقت مضى، خاصة في السنين الثلاث الماضية أي منذ قيادة الجزائر من طرف الثنائي تبون-شنقريحة.

و تتبنى القيادات في الرباط و الجزائر استراتيجيات مختلفة. المملكة المغربية تبنت منهجية العمل الديبلوماسي المواكب لمبادرات اقتصادية مهيكلة جنوب-جنوب مع التقليل من الخرجات أو ردات الفعل. أما الجزائر فسارت على خطى التصعيد لعرقلة أي من المبادرات المدكورة، و تبنت مقاربة الهدم بتبريرات واهية أهمها التطبيع المغربي مع إسرائيل كتهديد وجودي كما “باعت” ذلك للشعب الجزائري.

اليوم اشتعل الصراع على جبهة جديدة و دائماً بأساليب مختلفة، كلٌ و طريقته. توجد منطقة الساحل الإفريقي في وضع غليان بعد الإنقلابات في كل من مالي و بوركينافاصو و النيجر و عقوبتهم من طرف المجموعة الإقتصادية لغرب افريقيا CEDEAO و مة أعقبها من قرار الدول الثلاثة مغادرة للمجموعة المذكورة و إنشاء تكتل ثلاثي قابل للتوسيع كما قالو.

في هذه الأجواء اشتعل خلاف قوي بين مالي و الجزائر على خلفية استقبال هاته الأخيرة شخصيات تعتبرها مالي عناصر إرهابية تزعزع استقرارها، بينما عمل المغرب على التقرب أكثر من البلدان الثلاثة بالإضافى لباقي دول الساحل بمقترح من شأنه أن يخلق لها ثورة اقتصادية. الأمر يتعلق بخلق منفذ للبحر لهذه الدول، المعزولة بحرياً،  لدعم تدفقها التجاري و فك العزلة التي فرضتها عليها المجموعة الإقتصادية لغرب افريقيا، و هو مخطط تلعب فيه موريتانيا دوراً محورياً لأن الخط البري الذي سيوصِل لميناء الداخلة يعبر التراب الموريتاني.

هنا، تحركت الآلة الديبلوماسية المغربية لجمع وفود ديبلوماسية من دول الساحل في مراكش لعرض الخطة التي لاقت استحساناً كبيراً. في ذات الوقت كانت الجزائر تسابق الزمن لخلق مبادرة مضادة و ثني موريتانيا على الإنخراط في المبادرة المغربيةلتكسير توغل الرباط في الساحل الذي تعتبره الجزائر امتدادها الإفريقي الخاص بها. و يبدو المغرب هو الأقرب لربح هذا الرهان على اعتبار أنه لامس الوثر الحساس و هو التنمية السوسيو-اقتصادية في منطقة محتاجة لكل شيء. هذا الأمر سيزيد لامحالة من حدة النزاع بين البلدين ليبعدنا أكثر من أي أمل في حل لملف الصحراء.

هذا الوضع يجعل من الصعب تصور انفراج الأزمة و عودة العلابات بين البلدين قبل العام 2030 على الأقل. فعِماديْ النظام الجزائري و هما رئيس الجمهورية و قائد أركان الجيش ماضيين لولاية ثانية في الإنتخابات المقبلة أواخر العام الجاري، و لا يمكن مجرد تصور أن الرجلين سيغيران قيد أنملة من قناعاتهما المعادية للمغرب. لذلك يبدو المغرب ماضٍ في تحدي البناء بمقاربة تشاركية مع بلدان الساحل و دعم آلته الديبلوماسية غير آبهٍ بكل مامن شأنه أن يشده للخلف.